:D
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم
ورود اسم الشكور في القرآن الكريم:الله جلّ جلاله سمى ذاته العلية باسم "الشكور" قال تعالى :
﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ .( سورة فاطر ) .
يعني غفور للذنوب ، شكور للأعمال الصالحة ،
وقد ورد هذا الاسم مقترناً باسم الغفور في موضعين ، تقدم الأول منهما ،
والثاني في قوله تعالى :﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾
وقد ورد هذا الاسم مقترناً باسم الحليم في قوله تعالى :
﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ .( سورة التغابن ) .
﴿ لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ ، ﴿ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ ، إن وقعت في الذنب فهو غفور ، وإن عملت عملاً طيباً فهو شكور ، إن عملت عملاً صالحاً فهو شكور ، وإن زلت القدم فهو حليم ﴿ لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ ، ﴿ شَكُورٌ حَلِيمٌ ﴾ .علامة إيمان المسلم أنه في كل الأحوال بين الصبر والشكر :هناك آية أخرى :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ .( سورة إبراهيم ) .
يجب أن تكون أيها المؤمن صباراً شكوراً ، أي ينبغي أن تشتق من كمال الله كمالاً تتقرب به إليه ، يبغي أن تكون صباراً شديد الصبر عند المصيبة ، شديد الشكر عند العطاء ، فأنت بين حالين ، حالٍ تتمنى ألا يكون كن صبوراً ، وحالٍ تتمنى أن يدوم كن شكوراً ، المؤمن ﴿ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ ، والإيمان نصف صبر ، ونصف شكر ، وقال عليه الصلاة والسلام :
(( عَجَبا لأمر المؤمن ! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير ، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر ،
فكان خيراً له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن )) .[أخرجه مسلم عن صهيب الرومي ] .
أروع ما في هذا الإيمان العظيم أنك في كل الأحوال إن كانت الأمور على خلاف
ما تشتهي فأنت صبور ،وإن كانت وفق ما تشتهي فأنت شكور .
(( يا عبادي ، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجِنَّكم ، قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ ،
ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ ـ ذلك لأن عطائي كلام ، واخذي كلام ـ فمن وَجَدَ خيراً
فليَحْمَدِ الله ـ شكور ـ ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ )) .[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ] .
صبور ، علامة إيمانك أنك في كل الأحوال بين الصبر والشكر ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام كان أديباً مع الله ، قال له :
(( يا رب إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولك العتبى حتى ترضى ، لكن عافيتك أوسع لي )) .
[رواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر]من شكر الله عز وجل ربح الدنيا و الآخرة :الله شكور ، يعني أقل مؤمن إذا قُدم إليه عمله طيب لا يسعه إلا أنه يشكر ،
إذا شخص أزاح لك في مجلسه ، تقول له : شكراً ، أنت عبد ، وأنت لا تحتمل أن يقدم إليك عمل صالح
إلا وأن تعبر عن شكرك له ، فالذي خلق الإنسان ، صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى ،
يعني ترعى عباده ، تهتم بعباده ، تصدق مع عباده ،تحسن إلى عباده ، تنصح عباده ،
تُكرم عباده ، ولا ترى منهم الشكر ؟ هو شكور .لا يوجد إنسان أذكى ، ولا أعقل ،
ولا أكثر فلاحاً ، ونجاحاً ، وذكاءً ،ممن يتاجر مع الله ، يتاجر مع الله ،
أنت بالتجارة المألوفة يقول لك ربحنا 38% ، غير معقول ، الأرباح
12 ـ 13 ـ 9 ـ 8 ـ 7 ـ 5 أحياناً ، يعني إذا قلنا 28 ربح غير معقول !
إذا تاجرت مع الله الواحد بالمليار .معاني اسم الشكور في اللغة العربية :أيها الأخوة ، "الشكور" في اللغة على وزن فعول ،
وفعول من صيغ المبالغة من اسم الفاعل شاكر ،
شاكر شكور ، فعله شكر ، يشكر ، شكراً ، وشكوراً ، وشكراناً ،
ثلاثة مصادر ، أصل الشكر الزيادة ، والنماء ، والظهور ،
وحقيقة الشكر الثناء على المحسن بذكر إحسانه .
أيها الأخوة الكرام ، المؤمن شكور ، أي شيء قُدم له ، أي خدمة ، أي هدية يشكر عليها إما بلسانه ،
أو بقلمه ، أو برسالة ، أو بابتسامة ، أو بعمل طيب ، أو بهدية مكافأة ،
من صفات المؤمن تعظم عنده النعمة مهما دقت ، إنسان قدم لك شيئاً ،
لابدّ من أن تشكر ، لابدّ من أن تعبر عن شكرك له ، بأي طريقة ،
أما شكر العبد على الحقيقة : هو إقرار القلب بإنعام الرب ،
ونطق اللسان عن اعتقاد الجنان ، وعمل بالجوارح والأركان .الإنسان الشاكر هو الإنسان الذي يقرّ بنعم الله عز وجل بقلبه :من هو الشاكر ؟ الذي يقر بنعم الله بقلبه ، يعني الله عز وجل أكرمك بشهادة عليا
والآن طبيب أنت ، لك اسمك ،لك دخل معقول جداً ، وفوق المعقول ، والناس يحترموك
لك زوجة وأولاد ، فالطبيب المؤمن كلما دخل إلى عيادته ،
أو إلى منزله يا رب لك الحمد هيأت لي أسباب الدراسة العليا ،
هيأت لي هذه المكانة ،هيأت لي هذا الدخل ، رزقتني هذه الزوجة الصالحة ،
رزقتني الأولاد .فالمؤمن من علامة إيمانه دائماً يذكر فضل الله عليه ،
وغير المؤمن يقول :﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ .( سورة القصص الآية : 78 ) .
أما درست ، نعم ، خير إن شاء الله ! هناك من يدرس ولا ينجح ،
أنا تعبت حصلت هذا بكدي وعرق جبيني ،
ممكن هذا كلام بعد عن الله عز وجل ، كلما تقدمت في طريق الإيمان
رأيت نعمة الله عليك ، فتجاوزت النعمة إلى المنعم ، من هو المؤمن ؟ المؤمن تجاوز
النعمة إلى المنعم ، من هو غير المؤمن ؟ الذي بقي عند النعمة ، يستمتع بالبيت ، يستمتع بالطعام ،
بالشراب ، يستمتع بالزوجة والأولاد ، يستمتع بالمركبة الفارهة ، يستمتع بمكانه العالية في المجتمع ،
وينسى فضل الله عليه .نعم الله عز وجل على الإنسان لا تعد و لا تحصى : لكن :﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ .( سورة إبراهيم الآية : 7 ) .بعد ذلك :﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا ﴾ .( سورة إبراهيم الآية : 34 ) .
الآية تحير ، لو أعطيتك ليرة واحدة ، قلت لك عدها ، لو كم أعدها ، أما ليرة واحدة ،
الآية الكريمة :﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ . ( سورة إبراهيم الآية : 34 ) .
لن تستطيع إحصاء الخير والبركة بنعمة واحدة ، نعمة البصر ،
إذا شخص الله رزقه أولاد ، وجاءته الهدايا ،
أراد أن يكون دقيقاً يكتب كل هدية من جاء بها ،
حتى يردها ، يا ترى أيهما أهون أن تحصي هذه الهدايا ، أم أن تردها ؟
الإحصاء سهل جداً ، قلم وورقة هذه من مَنْ ؟ من فلان ، أما كل واحد يحتاج أن تنزل إلى السوق ،
وأن تشتري هدية مناسبة تكافئ هديته ، الله عز وجل يقول : أنتم يا عبادي عاجزون عن إحصاء بركات نعمة واحدة
فلأن تكونوا عاجزين عن شكرها من باب أولى ، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا ﴾ ، العد فقط ، ﴿ نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ .
مستويات الشكر :1 ـ أن تعزو النعمة إلى الله :هناك تعريف آخر : هو الشكر معرفة ، والشكر حب ، والشكر عمل ، ثلاث مستويات ،
لمجرد أن تعزو النعمة إلى الله فهذا أحد أنواع الشكر ، أما قال قارون : ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
:﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾ .( سورة القصص الآية : 81 ) .
﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾ .( سورة الزخرف الآية : 51 ) .أهلكه الله .
﴿ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ .( سورة النمل الآية : 33 ) .قوم بلقيس ، أهلكهم الله .
﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾ .( سورة الأعراف الآية : 12 ) .الشيطان ، أهلكه الله ، إذاً معرفة .2 ـ أن يمتلئ القلب محبة لله :الآن مستوى آخر من مستويات الشكر ، لمجرد أن يمتلئ القلب محبة لله على هذه النعمة هذا مستوى أرقى ، أول مستوى أن تعزو النعمة إلى الله ، والمستوى الثاني أن يمتلئ القلب محبة لله .
3 ـ أن تقابل نعم الله عز وجل بخدمة عباده : المستوى الثالث وهو أرقى المستويات أن تقابل نعم الله عز وجل بخدمة عباده ، أن تنصحهم ،
أن تحسن إليهم ، أن تخلص لهم ، أن ترعى فقيرهم ، أن تعين ضعيفهم ، أن تطعم جائعهم ، والدليل على ذلك
قال تعالى :﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ .( سورة سبأ ) .
﴿ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْراً ﴾ ، الشكر بأعلى درجاته عمل صالح ، يعني إنسان قدم لك خدمة كبيرة ،
تقول له : شكراً ، لا يكفي هذا .(( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه )) .[ النسائي و أحمد عن عبد الله بن عمر]
كافئ المعروف بمعروف ، الهدية بهدية .(( تهادوا تحابوا )) .[ مالك في الموطأ عن مالك بن عطاء الخراساني ] .
صيغة مشاركة ، أي قدم لك هدية قدم له هدية ، هذا العمل الشكر الثالث أن تكافئ كل شيء طيب بعمل .
من عطاء الله على الإنسان نعمة الإيجاد و الإمداد و الهدى والرشاد :عندنا تعريفات أخرى ، هناك نعمة الإيجاد :
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾ .( سورة الإنسان ) .
أنا أحياناً إذا تصفحت كتاباً ، وقرأت تاريخ تنضيده ، طبع ، وكان قبل سنة ولادتي أقول سبحان الله !
أثناء تنضيد هذا الكتاب أنا لم أكن شيئاً مذكوراً ، ما له وجود الإنسان
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾ ، مَنْ فلان قبل مئة عام ؟
ما في فلان ، فالله عز وجل تفضل علينا بنعمة الإيجاد .
لكن في عندك جهاز تنفس يحتاج إلى هواء والهواء موجود ،
تحتاج إلى ماء والماء موجود ، تحتاج إلى طعام والطعام موجود ، تحتاج إلى إنسانة
ترعى شؤونك ، والإنسانة موجودة ، تحتاج إلى أولاد يملؤون البيت فرحة ، والأولاد موجودون ،
تحتاج إلى مأوى والمأوى موجود ، تحتاج إلى عمل ترتزق منه والعمل موجود ، هذه نعمة الإمداد ، منّ الله عليك بعمة الإيجاد ، ومنّ الله عليك بنعمة الإمداد .ثم منّ الله علينا جميعاً بنعمة الهدى والرشاد ، أرسل أنبياءه ، أرسل كتباً ، أرسل رسلاً ، نصب لك الآيات الدالة على عظمته ، يعني هداك بأساليب لا تعد ولا تحصى ، نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد .
معرفة الله عز وجل أكبر نعمة منّ الله بها على الإنسان : لكن أكبر نعمة على الإطلاق نعمة :﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ .( سورة النساء ) .
لو قال لك طفل معي مبلغ عظيم ، كم تقدره ؟ بمئتي ليرة ، أبوه مدرس ، وجاء العيد ، تلقى هبات
من أقربائه جمعهم بمئتي ليرة ، مبلغ كبير ، قال لك معي مبلغ عظيم ، لأنه طفل كلمة عظيم
من طفل تقدر بمئتي ليرة ، وإذا قال لك مسؤول كبير بالبنتاغون أعددنا لهذه الحرب مبلغاً
عظيماً تقدره بمئتي مليار دولار ، الكلمة نفسها ، قالها طفل فقدرتها بمئتي ليرة ،
وقالها مسؤول كبير في دولة قوية قدرتها بمئتي مليار ، فإذا قال ملك الملوك
ومالك الملوك : ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾ ،
يعني أكبر نعمة أن تعرف الله ، إنك إن عرفته عرفت كل شيء ،
وإن فاتتك هذه المعرفة فاتك كل شيء .
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ،
وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء )) .[من مختصر تفسير ابن كثير] الشكور يزكو عنده القليل من أعمال العباد ويضاعف لهم الجزاء :أيها الأخوة ، اسم الله "الشكور" ، يعني أن "الشكور" إذا أعطى أجزل ، أي أكثر ، وإذا أُطيع بالقليل قبل ،
وهو الذي يقبل القيل ويعطي الجزيل ، وهو الذي يقبل اليسير من الطاعات ، ويعطي الكثير من الدرجات .
و "الشكور" يزكو عنده القليل من أعمال العباد ، ويضاعف لهم الجزاء ،
فيثيب الشاكر على شكره ، ويرفع درجته ويضع عنه وزره .ورد في بعض الأحاديث أن المؤمن إذا
وضع لقمة في فم زوجته ، يراها يوم القيامة كجبل أُحد ، أي عمل تقدمه هو في الحقيقة قرض لله عز وجل ،
أي عمل تجاه أي مخلوق ولو كان هرة .امرأة بغي ، شكر الله لها ، وغفر لها بأنها سقت كلباً كاد يأكل الثرى من العطش.
أي عمل تقوم به تجاه أي مخلوق ، ولو كان حيواناً ، ولو سقيت نباتاً ،
هو في الحقيقة قرض لله عز وجل ، وهذه الآية إذا قرأها المؤمن ينبغي أن يقشر جلده :
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ .( سورة البقرة الآية : 245 ) .والحمد لله رب العالمين