:)
بعض من مناقبه المباركة وأخلاقه المحمدية:1- نشأته على التقى والقرآن: نشأ على على التقى، وتربى على الفضائل والإحسان، فمنذ طفولته حفظ كتاب الله، ثم تابع تحصيل العلم، ووهب حياته كلها لله، وأمضى شبابه في طاعة الله، لم يشتغل في حياته كلها إلا فيالعلم والتعليم، ولم يلتفت لشيء من الدنيا وحطامها، وهو القائل: إن التقى
علمتني النسك من صغر .................... فما التفت إلى شيء سوى الله
يقول تلميذه الشيخ محمد أديب كلكل: (كان رحمه الله تعالى منذ طفولته مضرب المثل في التقوى والصلاح، وفي شبابه مثال الاستقامة والبر ولإحسان، وقد ربى نفسه وجاهدها حق الجهاد، حتى صفت وارتقت، فكان روحاني المظهر والمخبر، وكانت أنوار الصلاح تتلألأ في وجهه المشرق).
2- تلألؤ وجهه بنور الإيمان: كانت التقوى تشع في وحهه كالبدر، ونور الإيمان يتلألأ في محياه، من رآه هلل وكبر وتأدب حياء من مظهره المحمدي الأنور، تعلوه الهيبة والوقار، وكأنه معني بقول الشاعر:
عز الوقار ونور سلطان التقى .................... فهو المهيب وليس ذا السلطان
3- عمارته لبيوت الله، وإحياؤها بمجالس العلم والذكر: عمَّر بيوت الله عمارة معنوية وعمارة حسية، فبعد أن تأهل للخطابة والتدريس، أحياها بحلق العلم العامرة، التي كان يزدحم عليها الناس، بالإضافة لمجالس الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إلى هذه الدروس الطيبة شيخنا الفاضل محمد أديب كلكل حفظه الله تعالى فقال: (كنت أحضر هذه الدروس، وما تخلفت عنها يوما واحدا منذ علمت بها، واستفدت منها الكثير الطيب، لأنها كانت مؤثرة في النفس والسلوك...، وكانت له دروس صباحية في كل صبيحة من يوم من أيام رمضان في الجامع الشرقي حيث تحتشد الجموع الكثيرة، فتخرج متأثرة بتلك الدروس الرمضانية تائبة منيبة، فكم من تائب منيب صدق في توبته، وكم من خاشع أواه أشرقت روحه، وحلقت في أجواء الصفاء، نتيجة لتلك المواعظ والتوجيهات....وحضرت دروساً له بعد العشاء في الجامع الشرقي حيث قرأت عليه "رياض الصالحين" مرتين"، وكان يشرح كل باب من أبوابه شرحا فياضا، وقد كتبت من كلامه أربعين مجلسا، ولكن عدت عليها عوادي الزمن، فتأسفت عليها أسفاً شديداً، وكانت دروسه العامة في جميع المجالات في الفقه والحديث الشريف، والوعظ والإرشاد، والتربية والتسليك).
عقد الشيخ دروساً خاصة لطلابه النابهين الملازمين له، ودرسهم فيها كتباً معتبرة في علوم متعددة: ففي الفقه الشافعي درس كتاب "فتح العلام" للجرداني في الجامع الأربعين، ثم أعاد تدريسه في "الجامع الشرقي"، كما درس كتاب "كفاية الأخيار" وعلق عليه تعليقات دقيقة، وكانت له اليد الطولى في الحديث الشريف وعلومه، إذ لخص للطلاب كتاب" نخبة الفكر" لابن حجر العسقلاني، وجعله على صورة سؤال وجواب تسهيلا لحفطه ودراسته، كما درس في النحو والصرف والبلاغة فكان رحمه فيها من المتمكنين فيها، فدرس متن الغزي في الصرف، و"حاشية الكفراوي على الأجرومية"، و"شرح قطر الندى"و "شرح شذور الذهب" وكلاهما لابن هشام في النحو"، وقد أعاد تدريس هذه الكتب عدة مرات، كما درَّس "جواهر الأدب" للهاشمي، وجعل "بردة البوصيري" ميدانا للتمرين والإعراب بعد شرحها شرحا أدبيا رائعا، وكان يسأل الطلاب عن إعراب الإعراب، حتى تحدث عندهم ملكة قوية في هذا المجال، كأن يقول للطالب أَعرِب قال"، فيقول: فعل ماض، فيقول له الشيخ: اعرب قولك فعل ماضي..وهكذا، كما درس في الأصول فكان ذا له معرفة واسعة بهذا العلم فدرس طلابه حاشية الدمياطي على شرح "الورقات للجويني"، وقد صاغها بطريقة السؤال والجواب حتى تكتمل الفائدة منها، كما درس في التفسير "حاشية الجمل على الجلالين"، وقرأ على طلابه في السلوك "شرح الحكم العطائية لابن عباد".
5- خطيب بليغ مؤثر في النفوس: أما في مجال الخطابة فكان فارس هذا الميدان، وآخذاً بزمامه، خطيباً مصقعاً مفوهاً، يحي القلوب ويهزها، ويثير المشاعر، ويؤجج العواطف، ويروي العقول.
6-أحد الرجال الكمل الأحرار: شهد بذلك الكبار من العلماء، ومن نحسبهم من الأتقياء الأبرار، وعندما مرَّ الشيخ العارف سليمان الواعظ العراقي –المجاور ودفين البيع- بحماة، ثم سافر إلى دمشق ونزل ضيفاُ عند الشيخ عبد الحكيم عبد الباسط، قال للشيخ مصطفى التركماني -عندما أخذ بيده لأنه كفيف-: من أنت؟ قال له: من إخوان الشيخ محمود الشقفة، فقال له: احفظ عني ما أقول:
تمسك إن ظفرت بذيل حر ...................... فإن الحر في الدنيا قليل
7- علو همته وكثرة ذكره لربه: عالي الهمة مقبل على ربه، كثير الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مديم لقيام الليل، عابد متهجد، قليل الطعام كثير الصيام، وقد سمعته يقول: (كنت أصوم السنة كلها ولا أفطر إلا أيام العيد)، أما في حضرة الذكر فكالأسد الهصور في عرينه، متفان مستغرق متوثب، منهمك في الذكر دون كلل أو تعب، ومع انه جاوز الثمانين من عمره، فإذا شعر بفتور وضعف في الشباب الذاكرين، أثار فيهم حرارة الذكر، وأشعل في قلوبهم جذوة المحبة والإيمان.
8- رقيق القلب غزير الدموع: فلغزارة دموعه في حب الله ورسوله كانت تنفر من عينه المباركة، فكان عند ذكر الحبيب المصطفى وشمائله الشريفة يبكي بكاء الثكلى، حتى كنا نرحمه من شدة البكاء، ونضع له الأوراق لتشيف دموعه المباركة، فوالله إنا لنأخذها وقد تبللت بالدموع وتقاطرت، وهو القائل:
بمدح المصطفى زكت القلوب................. وهاج الشوق واشتد اللهيب
وعم الوجد أحشاء النشاوى .....................بحب محمد وعلا النحيب
وفي مدى حبه للنبي صلى الله عليه وسلم وشوقه إليه يقول:
ألا يا حبيب الله يا خير شافع ....................ومن هو حقاً للأنام رسول
شفاء سقامي من علاك بنظرةٍ ................... فهل منك إنعام بها وقبول
على بابك العالي وقفت مؤملاً .............. وما خاب في باب النبي نزيل
فكم أرجو وآمل منك خيراً........................... وأسعى إنما زادي قليل
فلا تنظر لزادي إن رحلي................................ أبى إلاّ بربعكم يقيل
طرقت الباب والآمال عندي ................... تسامت أن يكون لها مثيل
وحقق ما رجوت وشدّ حبلي ...................... بحبلك رحمةً إني دخيل
فلا تردد رحيم القلب واجبر ......................... عبيداً ظنه فيكم جميل
سألتك والجليل يقول وحياً .......................... فلا تنهر فأنت أبٌ كفيل
عليك صلاة ربك ما ترامى ........................على أعتابك العليا النزيل
8- تفانيه في حب الله ورسوله وتمسكه بالشرع الإلهي: ولعل السمة البارزة في أحوال هذا الشيخ المبارك تفانيه في
محبة الله ورسوله، وتقيده بالنهج المحمدي، والتزامه بأحكام الشرع الإلهي، وهو القائل:
نهجنا نهج الرسول المصطفى ......... ولنعم النهج مفتاح الصفا
فاتبَعَن خطتنا تنجح بها ............... إنما يدري علاها من صفا
لاتحد عن رسمها وارض لها ....... إن في أوضاعها كنز الوفا