:D
المعز المذل من أسماء الله الحسنى...{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء
بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران26
الاسم المُعِز والمُذِل إسمان من أسماء الله تعالى ، وصفتان من صفات فعله ، نحن عندنا أسماء ذات وأسماء صفات وأسماء أفعال ، الله عز وجل له ذات وله صفات وله أفعال ، إذاً له أسماء ذات وله أسماء صفات وله أسماء أفعال ، فمعظم العلماء يؤكدون أن اسم المعز والمذل من أسماء الأفعال ، هما إسمان من أسمائه تعالى ، وصفتان من صفات فعله ، فإعزازه للعبد يكون في الدنيا والآخرة ، لكن إياك أن تغتر بعز الدنيا ، قد يكون عز الدنيا استدراجاً.
الإنسان أحياناً يخاف على سمعته ، يخاف على شرفه ، يخاف على مكانته ، يخاف على مرتبته ، يخاف على درجته أن تُخدش وأن تُمرّغ بالوحل ، أن يتحدث الناس عنه بالمكروه ، بما هو مكروه ، يخاف أن يُفتضح ويخاف أن يسقط من عين الناس ، لولا هذا الدافع ، دافع الاعتزاز لهانت على كل إنسان معصيته ، لهان سقوطه ولهان عليه انحرافه ولهان عليه انغماسه في الوحول
طبعاً ليس معنى هذا أنه ليس في بني البشر من هانت عليه نفسه ،
والحقيقة أنت تكون عزيزاً لمجرد أن طبقت أمر الله ، مثلاً حينما تغض بصرك عن محارم الله حينما لا تخلو بإمرأة أبداً حينما لاتكذب ، حينما لا تقول ما ليس في قلبك لا يستطيع الناس أبداً أن يضعوك في موضع ذليل، لو أن إنسان دخل إلى بيت صديقه وصديقه ليس في البيت ،
ولو كان بريئاً يتحدث الناس عنه ، يجرحه الناس ، إذاً أنت لمجرد أن تُطبّق أمرَ الله عز وجل ، لمجرد أن تكون نزيهاً عفيفاً مستقيماً مطبقاً للشرع تكتسب عزة الشرع ، هذه أول نقطة ، يعني أنت عزيز لأنك مطيع لله عز وجل واسم الله المعز حينما أمرك بهذا المنهج حصَّن سمعتك .النبي عليه الصلاة والسلام ، لا ينطق عن الهوى ، قال : " لا يخلون رجل بامرأة " .
فأنت ما دمت مطبقاً لهذا الحديث لا يستطيع أحد في الأرض أن ينال منك ولا أن يتهمك
ولا أن يمرغك في الوحل ، ولا أن يلهج بين الناس بحديث شنيع عنك ،
لأنك طبقت أمر الله عز وجل ، في تطبيق أمر الله عز وجل حفاظ على سمعتك
وعلى كرامتك وعلى عزتك وعلى مكانتك وعلى شأنك .
إذاً : أول فكرة بالدرس إذا طبقت أمر الله عز وجل إذا استقمت على أمره ،
إذا وقفت الموقف الشرعي في كل موقف فأنت عزيز ،
النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أشياء كثيرة ، كان مع زوجته صفية رضي الله عنها ،
مر صحابيان جليلان في الطريق ، قال على رُسلِكُمَا ، هذه زوجتي صفية ، البيان يطرد الشيطان ، فأنت إذا دخلت أو خرجت إذا وضحت وبيّنت هذه حرام، هذه حلال ، هذه تجوز ، هذه لا تجوز ،
هذا هو المعنى الأول ، أي بمجرد أن تُطبّق أمرَ الله عز وجل فأنت عزيز
فالأمين عزيز ، العفيف عزيز ، الصادق عزيز تصور نفسك تكلّمت بكلام فيه كذب في مجلس فدخل رجل يعرف الحقيقة ، فقال ما الموضوع ، ما الموضوع ، فقال أصحابك ، والله فلان حدثنا كذا وكذا ، ينظر إليه ، يقول أنت فعلت هذا ، كنت معك أنا وقتها ، ما الذي يحصل؟ .. يذوب ..
إذاً لن تكون عزيزاً إلا إذا كنت صادقاً ،
لن تكونَ عزيزاً إلا إذا كنتَ عفيفاً ، لن تكون عزيزاً إلا إذا كنت أميناً ،
والدليل ، لو أن ابنك رَجَاكَ أن تُجيبَ أصدقاءه على الهاتف أنه غير موجود وهو موجود وكذبت، لو أن أحداً في بني البشر لا يمكن أن يطلع على هذه الكذبة ، فابنك موافق وهو الذي طلب منك ، تشعر أن هناك ضعفاً في شخصيتك ،
تشعر بانهيار جزئي ، لا ، قل له إبني مشغول ، أو إبني مشغول بالدراسة يعتذر عن لقائك ، هذا الصح ، فأنت لن تكون عزيزاً إلا إذا كنت مستقيماً على أمر الله، العفيف عزيز الأمين عزيز ، المستقيم عزيز ،
الصادق عزيز ، المخلص عزيز ، الواضح عزيز.
أما أي إنحراف يتبعه ذُل ، كشف أنك لست بصادق ، جاءَكَ الذل ، كشف أنك لست بحكيم جاءك اللوم ، كشف الفضيحة أنك لست بأمين جاء سحب الثقة منك ، كُشِفَ أنك لست بعفيف تشكك الناس فيك .
إذاً من أسماء الله المعز ، أول ثمرة من ثمارها أنك تعيش بين الناس عزيزاً ،
لا يستطيع أحد أن يلوك سمعتك بلسانه ، لا يستطيع مفتر أن يفتري عليك ، لا يستطيع متهم أن يتهمك ،
لا يستطيع لأنه لا يوجد دليل ، أما إذا هناك انحرافات ، هناك اختلاط هناك أماكن غير صحيحة ، أماكن مشبوهة ،
علاقات غير صحيحة هناك تداخلات قد تكون بريئاً، ولكن الناس يمضغونك بالأفواه ،
هذا المعنى الأول أن الله عز وجل يعزك من خلال شرعه،
يكفي أن تطبق شرعه فأنت عزيز وإذا كنت عزيزاً حققت ثلث وجودك ،
وكما تعلمون سابقاً أنه لا يجوز أبداً أن تقول الله مذل ، الله معز ومذل ،
بل إن الأصوب أنه يذل من أجل أن يعز .
مثلاً : رجل عنده محل تجاري ، وعيّن موظف ، ذلك الموظف ضعيف الوازع الديني ،
ضعيف الانضباط ،
من الصباح الساعة الثامنة وحتى الساعة الحادية عشر ،
وحده في المعمل فقد يأتي شخص يشتري منه حاجات بخمسمائة ليرة أو بألف ليرة ،
وهو زوج حديث وزوجته لها طلبات كثيرة ، ضعف أمام نفسه فمن حين لآخر يضع مبلغ في جيبه
دون أن يعلم صاحب المحل ،صاحب المحل بالفراسة شعر أن المحل فيه نقص بالبضاعة وفيه نقص في الغلة ،
فماذا فعل صاحب المحل ، رجا صديقاً له أن يأتي محله التجاري الساعة التاسعة
ويشتري حاجات بخمسمائة ليرة ويدفع ثمنها نقداً ويذهب ويعود في الساعة الخامسة ليرجع البضاعة ،
فجاء صاحب المحل في الساعة الحادية عشر ، وسلم على موظفه الكريم وسأله ماذا جرى في هذه الساعات الثلاث، قال له لا شيء ، قال جاء أحد واشترى قال لا،حينما دخل هذا الشخص الساعة الخامسة وصاحب المحل وراء الطاولة والموظف ،
أمام الطاولة يريد أن يرجع البضاعة قال له أية بضاعة هذه قال له اليوم اشتريتها صباحاً الساعة التاسعة ما أعجبتني أسعارها غالية، قال له هل اشترى ؟ قال : نعم ، ماذا حصل له ،قال لي : والله لو نظرت إلى وجهه لرأيت دماً، ولا ترى جلداً ، دم وجهه .
ألم يذله الله ؟ لماذا أذله ؟ ليحمله على التوبة ، فإذا تاب واستقام على أمر الله صار عزيزاً ،
فالله عز وجل لا يضع الإنسان في موضع ذليل إلا من أجل أن يعالجه كي يعزه ،
لذلك الله عز وجل هو المعز وهو المذل ، وينبغي أن تقرأ هذين الاثنين معاً ويبغي أن تعتقد جازماً انه
إذا أذل فمن أجل أن يعز ، لكن البطل لا يحتاج إلى أن يذل كي يعز .
ولكن قد يكشفها بعد فوات الأوان ، وقد يكشفها وقد دفع حياته ثمناً لها ، وقد يكشفها وقد دفع سعادته الزوجية ثمناً لها .
أنا لا أريد هذه التجربة ، أنا لا أريد أن تكون حكيماً بعد أن تدفع الثمن باهظاً ،
أنا لا أريد أن تكون حكيماً بعد أن تدفع معظم حياتك ثمناً لهذه التجربة ،
أما إذا اتبعت كتاب الله وسُنةَ رسولهِ في مقتبل حياتك فأنت تهتدي برأي الخبير ، بحكم الخبير العليم ،
أي بين أن تستعمل هذه الآلة وفق هواك ، يصيبها العطب ، تُصلِح العطب ، تدفع الثمن باهظاً يهبط مستواها ، يهبط مردودها، لو أنك استعملت تعليمات الصانع لَصُنتَ هذه الآلة وأخذت منها أكبر مردود ، لذلك لو أنك عرفت الحقيقة بعد فوات الأوان ليست هذه بطولة ولكن البطولة أن تعرفها في الوقت المناسب .إ
إذاً : يمكن أن تكون عزيزاً إذا إتبعت كلام الله ،
ويمكن أن تكون عزيزاً إذا أذلك الله عز وجل إِثرَ انحراف وبعدها تبت من هذا الذنب ،
فأنت بين أنت تكون عزيزاً بعد ذل وبين أن تكون عزيزاً بعد علم، تعلّم وكن عزيزاً ،
وإيّاك أن تدفع ثمن عزتك ذلاً ومهانةً وإيلاماً .
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبت فإذا***اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت فحينما تعتز بشيء فانٍ فإن عزك باطل
قال بعض العارفين : " عز الدنيا بالمال وعز الآخرة بالحال " لك حال فيه طهر ونقاء واستقامة وشوق ومحبة وقرب ،
هذا عِزّ الآخرة أما المال عز الدنيا .
فالعزة التي هي اسم من أسماء الله أيضاً صفة أساسية من صفات المؤمنين،
لقوله تعالى : {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }المنافقون8
إذا كنت مؤمناً حقاً فأنت عزيز لأنك مع العزيز ولأنك على شرع العزيز ولأنك مفتقر للعزيز
ومعتمد على العزيز والعزيز لن يخيب ظنك .
قال بعضهم إعزاز الله لعباده يكون بصحة قناعتهم فإن الذل كله في الطمع .
موقف العبد من هذين الاسمين: المعز والمذل اسمان من أسماء الله الحسنى لصفتين من صفات أفعاله ،
أنه إذا طبق أمر الله صار عزيزاً ، حكماً ، بمصطلح الفقهاء تحصيل حاصل ، يعني أمر الله فيه بذور عزة المطبق ، والله عز وجل بأمره التكويني يعزك إذا اعتززت به واعتمدت عليه وأخلصت له وأقبلت عليه ولم تشرك به والمعز والمذل اسمان يجب أن نلفظهما معاً ، والأصوب أن نقول يذل ليعز .
والحمد لله رب العالمين