:D
أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم :
لا تسألن بُني آدم حــاجة*** وسل الذي أبوابه لا تغلــق
الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبني آدم حين يسـأل يغضبورود اسم الكريم في القرآن الكريم :سمّى الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم "الكريم" ،
حيث ورد هذا الاسم في كثير من نصوص القرآن الكريم ،
ومن نصوص السنة النبوية الصحيحة ، كما في قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ .
عدم نجاح الخطاب الديني إلا إذا اتجه إلى قلب الإنسان وعقله معاً :
من أدق هذه الآيات أن الله في آية واحدة خاطب قلب الإنسان وعقله ، ولا ينجح الخطاب الديني
إلا إذا اتجه إلى قلب الإنسان وإلى عقله معاً ، فالإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ،
غذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، فإذا لُبيت حاجات الإنسان كلها تفوق ،
أما إذا لبى حاجة ولم يلبِ الأخرى تطرف وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف .﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ﴾
يتجه إلى قلبه ، ﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ .﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ .( سورة التين ) .
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ .( سورة النمل الآية : 88 ) .
ورود اسم الكريم في السنة النبوية الشريفة :هذا في القرآن فماذا في السنة ؟ من حديث علي رضي الله عنه أنه قال :
(( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي ألا أعلمك كلمات إن قلتهن غفر الله لك ، قال قل : لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم )) .
[ الترمذي عن علي] .و :(( إن ربكم تبارك وتعالى حييّ كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفراً )) .
الدعاء مخ العبادة :لذلك قال تعالى :﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ﴾ .( سورة الفرقان ) .
الدعاء هو العبادة ، الدعاء مخ العبادة ، لأن الذي يدعو الله عز وجل مؤمن بوجوه ، ومؤمن بأنه يسمعه ،
ومؤمن بأنه قدير على إجابته ، ومؤمن بأنه يحبه ، فإذا آمنت أن الله موجود ، وسميع عليم ،
وعلى كل شيء قدير ، وأنه أرحم الراحمين ، فهذا أعلى درجات الإيمان .
لذلك إن الله يحب الملحين بالدعاء ، إن الله يحب من عبده أن يسأله شسع نعله إذا انقطع ،
إن الله يحب من عبده أن يسأله ملح طعامه ، إن الله يحب من عبده أن يسأله حاجته كلها .الدعاء هو العبادة ،
وإذا قال الله عز وجل :﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ .( سورة المعارج ) .
﴿ دَائِمُونَ ﴾ بالدعاء ، فالدعاء الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم
السيدة عائشة أن تدعو به ليلة القدر :(( اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي يا كَريّم )) .
من أكثر الأدعية التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو بها .
(( اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي يا كَريّم )) .
[أخرجه الترمذي عن عائشة أم المؤمنين يا كَريّم ] .
هذه النصوص التي وردت في القرآن والسنة ، وقد جاء بها اسم "الكريم" .أيها الأخوة ، على المستوى اللغوي ، "الكريم" صفة مشبهة باسم الفاعل ،لمن اتصف بالكرم ،من اتصف بالكرم يسمى كريماً ، والكرم نقيض اللؤم ، لعل فضائل كثيرة جمعت في الكرم ، ولعل نقائص كثيرة جمعت في اللؤم ، الكرم نقيض اللؤم ،
في اللغة يكون الكرم في الرجل ، ويكون الكرم في الخيل ، وفي الإبل ، وفي الشجر ، وغيرها .
الفعل كرُم الرجل كرماً وكرامة ، كرُم ، كرماً ، وكرامة ، فهو كريم ، والمرأة كريمة ،
كريمة فلان ابنته وجمع الكريم كرماء .
والكريم في اللغة هو الشيء الحسن ، أحجار كريمة ، الشيء النفيس ، الشيء الواسع ،
لإنسان السخي ، والفرق بين الكريم وبين السخي أن الكريم كثير الإحسان من دون سؤال ،
وأن السخي كثير الإحسان عند السؤال ، السخي إذا سُئل ،
أما الكريم أرقى من السخي ، يعطي قبل أن يسأل .والكرم السعة ، والعظمة ، والشرف ، والعزة ،
والسخاء عند العطاء .الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم الواسع و المغفرة الواسعة :
و
"الكريم" هو الذي بشر عباده المؤمنين بالأجر الكريم الواسع ، والمغفرة الواسعة .
﴿ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ .( سورة النجم الآية : 32 ) .
الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه ولا ينقطع سخاؤه :
و
"الكريم" هو الجواد المعطي ، الذي لا ينفذ عطاؤه ، ولا ينقطع سخاؤه ، الذي يعطي ما يشاء لمن يشاء ، إذا أعطى أدهش ، وكيف يشاء ، بسؤال وبغير سؤال ، هو الذي لا يمنّ إذا أعطى ، فيكبر العطية بالمن .
لذلك الإنسان أحياناً يتمنى العطاء من الله مباشرة ، الإنسان أحياناً إذا أعطاك من حين لآخر يذكرك ، إن شاء الله هذا البيت مرتاح فيه ؟ إذا قدم لك هدية ، على الاستعمال جيدة إن شاء الله ؟ دائماً الإنسان يمن ، الله عز وجل كريم من دون أن يمن على المعطي .هو سبحانه يعفو عن الذنوب ، لأنه كريم ، ويستر العيوب ، ويجازي المؤمنين بفضله ،ويجازي المعرضين بعدله .
الكريم الذي يكرم :و "الكريم" هو الذي يكرم ، كريم أي يكرم ، فعند البخاري من حديث
زيد بن ثابت رضي الله عنه أن أم العلاء رضي الله عنها قالت عند موت عثمان بن مظعون قالت :
(( رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك : لقد أكرمك الله ـ هذا كلام قالته لزوجها بحضرة النبي ،
فلو سكت النبي لكان كلامها صحيحاً ، لأن سنة النبي الكريم أقواله ، وأفعاله ، وإقراره ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمَهُ ؟
ـ هذا سماه العلماء تألٍ على الله ، ـ فقلت : بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله ،
فمن يكرمه الله ؟ فقال : أمّا هو فقد جاءه اليقين ـ كلام علمي ـ أمّا هو فقد جاءه اليقين والله إِني لأرجو له الخير )) . الكريم من صفات الله جلّ جلاله لأنه :1 ـ يتغافل عن ذنوب عباده :
إذاً كلمة "الكريم" واسعة جداً ، أما إذا قلنا الله جلّ جلاله "الكريم" ، قال "الكريم" يتغافل ، واللئيم يدقق في العيوب ، "الكريم" من صفات الله جلّ جلاله لأنه يتغافل عن ذنوب عباده ، بينما اللئيم يدقق في أدق الذنوب ، لكن هناك تغافل ، وهناك غفلة ، الله عز وجل يتغافل ، لكن كل شيء عنده بمقدار .
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ .( سورة غافر ) .
ولا تخفى عليه خافية ،
"الكريم" يتغافل ، واللئيم يدقق في العيوب ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( تعوذوا بالله من مجاورة جار السوء إن رأى خيرا كتمه وإن رأى شرا أذاعه وتعوذوا بالله من إمام
سوء إن أحسنت لم يقبل وإن أسأت لم يغفر )) .
"الكريم" هو الذي يستر الذنوب ويخفي العيوب ، هذا شأن الله عز وجل .
2 ـ يقابل من أتاه بالطاعات بالثواب الجزيل :وإذا قلت الله
"الكريم" إذا أتاه عباده بالطاعات اليسيرة قابلهم بالثواب الجزيل ، هل تصدقون أن إنساناً يضع لقمة في فم زوجته يراها يوم القيامة كجبل أُحد ، أي تاجروا مع الله ، هل هناك مؤسسة استثمارية تعطيك على الليرة الواحدة مئة ألف مليون ؟ وأن تضع اللقمة في فم زوجتك هي لك صدقة ، وتراها يوم القيامة كجبل أُحد ، لذلك قال تعالى :
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ .
3 ـ يجعل العبد الحقير الضعيف شيئاً مذكوراً :
إذا قلنا الله "الكريم" ، يعني الله عز وجل يجعل هذا العبد الحقير ، العبد الفقير ، العبد الضعيف ، العبد الذليل ، يجعله شيئاً مذكوراً ، يرفع الله لك ذكرك ، يعلي قدرك ، يلقي محبتك في قلوب الخلق .
(( عبدي أنت تريد وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ،
وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد )) .
إذاً يجعل هذا العبد الفقير ، الضعيف ، الذليل ، الحقير ، يجعله شيئاً مذكوراً
يخفي عن الناس عيوبه ، ويظهر محاسنه .
﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ .
(( يقول الرب تباركَ وتعالى : مَن شَغَلَهُ قراءةُ القرآن عن مسألتي :
أعطيتُهُ أفضلَ مَا أُعْطِي السائلين )) .والحمد لله رب العالمين