المصارف الإسلامية تنتقل من مرحلة الاختبار إلى الانتشار
استطاعت البنوك الإسلامية بعد الأزمة المالية العالمية أن تطرح مفهوماً جديداً في التعاملات المصرفية مدخلة جملة من المصطلحات الخاصة إلى البنوك الجديدة بما فيها التكافل والصكوك والمشاركة أدى التعامل على أساسها إلى التصدي لانعكاسات تلك الأزمة.
وتعد تجربة المصارف الإسلامية التي بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود تجربة يافعة قياساً بالمصارف التقليدية لكنها سرعان ما انتقلت من مرحلة الاختبار إلى مرحلة الانتشار اذ يبلغ عدد المصارف الإسلامية نحو390 مصرفاً منتشرة في 75 دولة عربية وإسلامية تقدر حجم موجوداتها بين 500-1000 بليون دولار بنمو سنوي يتراوح بين 15-20 بالمئة.
يبين الدكتور موسى شحادة مدير عام البنك الإسلامي الأردني أن المصارف الإسلامية سواء كانت تعمل لحسابها أو لحساب غيرها تمارس جميع أوجه النشاط المصرفي المعروفة والمستحدثة وسائر عمليات التمويل والاستثمار المنظمة على غير أساس الفائدة المصرفية ويقوم الإطار العام لأعمال المصارف الإسلامية من خلال ثلاثة محاور أساسية هي اجتذاب الأموال والمدخرات توظيف الأموال والخدمات المصرفية.
وأشار شحادة إلى أن الأموال والمدخرات التي تجتذبها المصارف الإسلامية من خلال الأوعية الإدخارية تشكل المصدر الرئيسي للأموال الموجودة لديها كما هو الحال في البنوك التقليدية مبيناً أن المصارف الإسلامية تحرص دائماً على تحقيق عائد مناسب للمدخرين من خلال استثمار أموالهم في عمليات مربحة وسريعة التدفق لمواجهة طلبات السحب من هذه المدخرات.
وأوضح شحادة أن المصارف الإسلامية تستقبل الأموال من أصحابها بالعملات المختلفة من خلال عدة صيغ للأوعية الإدخارية لكل صيغة منها شروط وضوابط شرعية وفنية وقد تختلف تسمية صيغ هذه الأوعية وشروطها من مصرف لآخر كما أن المصارف الإسلامية توظف الموارد المالية الموجودة لديها من خلال صيغ شرعية من أهمها المضاربة والمشاركة وبيع المرابحة والبيع بالتقسيط وبيع السلم والتأجير المنتهي بالتمليك والاستصناع والاستثمار المباشر.
ويبين شحادة أن أهم التحديات التي تواجه الصناعة المصرفية الإسلامية البيئة المحيطة بها والتي تتحكم إلى حد كبير بمسيرتها اذ تخضعها لوضع تنافسي غير متكافىء تجاه البنوك التقليدي في ظل مكوناتها المتمثلة بالتشريعات والإجراءات الحكومية والمفاهيم والقيم الاجتماعية السائدة مشيراً إلى أنها تخضع لجميع التشريعات والتعليمات والضوابط ومعايير الرقابة المصممة أساساً لتطبيقات البنوك التقليدية والتي تتعارض في كثير من جوانبها مع خصوصية التطبيقات والالتزامات الشرعية للمصارف الإسلامية سواء من حيث السياسة النقدية والتعامل مع تطبيقاتها في جذب المدخرات وتوظيفها معاملة التطبيقات لدى البنوك التقليدية والخضوع لإجراءات التقاضي المصممة أساساً لمعاملات الفائدة الربوية.
وقال شحادة إنه من ضمن تحديات الصيرفة الإسلامية نظرة البعض لها كنظرتهم للجمعيات الخيرية ونظرتهم لتطبيقاتها كنظرتهم للتطبيقات التي اعتادوا عليها في البنوك التقليدية كالأرباح بالفوائد والتمويلات بالقروض لافتاً إلى بعض التحديات المستجدة الناتجة عن المتغيرات العالمية والتكنولوجية ونظم الاتصالات وتطور الصناعة المصرفية بشكل عام.
الدكتور تيسير رضوان الصمادي رئيس مجلس إدارة البنك العربي الإسلامي الدولي يرى أن الصناعة المصرفية الإسلامية تعاني من ضعف القدرات المؤسسية في جميع المؤسسات ذات العلاقة سواء البنوك السلطات الرقابية والتشريعية وعلى جميع المستويات في المؤسسة الواحدة.
وتعيش في بيئة شديدة التعقيد ومتعددة العلاقات والتشابكات وسريعة التغير ما يستلزم سرعة الاستجابة والمرونة في التعاطي مع أحدث الابتكارات في الصناعة كما توجد محاباة من قبل التشريعات المصرفية للبنوك التقليدية على حساب البنوك الإسلامية في الدول التي تسمح بإنشاء مثل هذه البنوك.
ويضيف الصمادي أن ضحالة رأس المال الإسلامي يحرم البنوك الإسلامية من الحصول على مصادر تمويل طويلة الأجل ويؤدي إلى الاعتماد على الودائع بصورة رئيسية كما أن هذه البنوك تركز على الأدوات ذات العائد الثابت وتحديداً المرابحة والإجارة ولا تحبذ الأدوات التي تقوم على المشاركة في الأرباح و الخسائر كالمضاربة والمشاركة رغم أن مبدأ المشاركة في الأرباح والخسائر يجب أن يشكل عصب العمل المصرفي الإسلامي إضافة إلى اعتماد البنوك الإسلامية في بعض الدول على الميزة الاحتكارية وليس على القدرة التنافسية.
ويشير الصمادي إلى أن محدودية قاعدة رأس المال والموجودات مقارنة بالبنوك التقليدية يؤدي إلى عدم قدرة البنوك الإسلامية على تلبية متطلبات تمويل المشاريع الكبيرة كما أن هناك أحكاماً تحد من قدرتها على الاستثمار بالأسهم المتداولة في الأسواق المالية.
ويرى خبراء الاقتصاد الإسلامي أنه يترتب على البنوك الإسلامية أمور عدة لتطور تلك الصناعة منها الاستمرار في تهيئة كوادرها والالتزام بالصيرفة الاسلامية بالاعتماد على ضوابط الشريعة الإسلامية لتجنب الأزمة المالية العالمية أو للتخفيف من آثارها إضافة إلى السعي لإيجاد منافذ في التشريعات المحلية تساعد المصارف الإسلامية وتسهل عليها ممارسة أعمالها وفق التطبيقات الشرعية المقررة لديها وبما يكفل تضمينها مزايا وتسهيلات مقابلة للمزايا والتسهيلات التي تمنحها التشريعات المعاصرة المصممة أساساً لتطبيقات البنوك التقليدية والتعامل على أساس الفائدة والعمل بشكل جماعي لمواجهة التحدي وزيادة قدرتها التنافسية في أسواقها التقليديةمع البنوك العالمية ذات الحجم الكبير ولاسيما مع فروعها الإسلامية المنتظرة
دير الزور برس