:D
قال السيد الإمام بهاء الدين الرواس رضي الله عنه:إذا أضِفت إلى القوم وحصلت لك الملابسة معهم فاجعل لك في حال من
أحوالك مناسبة صحيحة معهم لتصح لك الإضافة، والإضافة تكون لأدنى
ملابسة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى أول سور
القرءان بعد الفاتحة سورة البقرة كما جاء عن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ءايتان من ءاخر
سورة البقرة من قرأهما في لية كفتاه" ومعنى قوله العالي عليه
صلوات الله وسلامه: "سورة البقرة" أي السورة المشتملة على ذكر
البقرة وقصتها العجيبة، وهذه التسمية من قبيل تسمية الكل بالجزء
الأشهر أو الأغرب الأعجب، وهكذا يقاس في سائر سور القرءان العظيم
كسورة ءال عمران وسورة الأنعام والكهف.
وقال جلة من علماء اللغة: الإضافة هي الملابسة.
وقال ءاخرون: بل الملابسة علة الإضافة وليست هي.
والاختلاف لفظي فإذا أدركت حكم هذا البيان أضفت نفسك للقوم
الكرام رضي الله عنهم بملابسةٍ مباركةٍ من أحوالهم وأخلاقهم
وأطوارهم أو بشيء من صدقهم وزهدهم وهممهم وعباداتهم، وهنالك تصح
الإضافة إن شاء الله إليهم، ويسح بعون الله عليك من أفق العناية
الربانية من سحاب الرحمة ما يسح عليهم، وهم القوم لا يشقى
جليسهم.
يقول سيدنا ومَـفزعنا غريب الغرباء المستأنس بالله عن الناس محمد
مهدي بهاء الدين الرواس رضي الله عنه وعنا به :كل من انطوى بمنشور طريقي ولو فارق أيَ طريقٍ كان فهو في أمان
الله. لأن طريقي طريقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. الأقوالُ
فيه عقائد، والأعمال محامد، والأحوال فوائد، والمنهج منهجُ
تواضعٍ وذلٍ لله وانكسار، ورفق بالخلق، ووقوف معهم بالمثلية لا
الفوقية، وهذا مشرب سيدي عـَلـَمِ الله المنشور وبيت الولاية
المعمور أبي العلمين السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله
عنه وعنا به، فالزمه أيها الولد، ورُحْ بَرًا تقيـًا مباركـًا
مرضيًا، راشدًا مهديًا، والسلام عليك وعلينا وعلى عباد الله
الصالحين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
إن من كلام سيدنا الرواس رضوان الله عليه ما هو حقيق بأن يكتب
بماء الذهب ، فالمتمعن فيه يجد العجب العجاب من بديع النظم
والنثر وعجائب الأقوال والحكم .
حقاً إنه كرامة من كرامات جده أبي العلمين الرفاعي رضوان الله
عليه . يقول رضي الله عنه :
مــن تــمـلـّى بـكـلامـي = نـال مـن كـل العـلومِ
وأتــى مــن كــل فــن ٍ = بـأفـانـيـن ِ الـفـهـوم ِ
رُقـِـمَـت ءاياتُ نـظـمي = مُـحـكـمـاتٌ كالنجوم
سـرُّ نـظـمـي للمـعـالي = بـأكـف الـذوق يومي
لـيـس مَـن هام بشعري = مـِن رجـالـي بـمـلـومِ
يا حظوظ النفس زولي = يا سحاب الفتح دومييقول سيدي أبو المكارم محمد مهدي بهاء الدين الرفاعي الشهير
بالرواس:"تباعد مهما أمكنك عن الفاجر ولا تجعله رفيقـًا لك ولا قريبًا
منك، فإنك إن أحسنت إليه كفر إحسانك، وإن أحسن إليك أعابك
وأهانك، ولذلك فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه
(اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدًا) [1]. ولا يكون تقريب الفاجر إلا
من حجاب يطرأ على القلب بقسوة أو غفلة، وكان النبي عليه الصلاة
والسلام يقول في دعائه أيضًا (أعوذ بك من القسوة والغفلة
والعَيلة والمسكنة) والعَيلة معناها الفقر. ولا تفهم أنه أراد
بالمسكنة وصفها بل أراد حكمها ليقيم بالقدرة أركان الدين، وإلا
ففي دعائه المبارك أيضًا قال (اللهم أحيني مسكينـًا وأمتني
مسكينـًا واحشرني في زمرة المساكين). ولا تـُغفل نفسك بحسن الظن
في كل أحد فإن الشرع بيِّن ونظامه صيِّن، وفي الحديث الشريف (من
حسن ظنه بالناس كثرت ندامته) [2]. فتدرب بأمرك كله بتعليم الحكيم
الأعظم صلى الله عليه وسلم ولا تكن سيءَ الظن مطلقـًا بالناس فإن
ذلك من سوء الحال. قال تعالى (إن بعض الظن إثم) فقف في ظنونك
كلها بين جدارَي الفطنة والحكمة، ولا تصحب المجهولين البتة، وإذا
جرّبت أمرءًا وعرفته حقـًا فلا تـُهمل حكم معرفتك به، ولا تكن
صاحب أوهامك، ولا مجذوب زعمك، وما راق لفكرك، بل كن رفيق الحق
والصواب، وهنالك كل ءارائك حكمة، ونتائجها خير، والله الموفق.
هوامش
ـــــــــــــــــــــ
1 - في كتاِب تخريج أحاديث الإحياء للحافظ العراقي: حديث "اللهم
لا تجعل لفاجر عندي يدًا فيحبه قلبي" أخرجه ابن مردويه في
التفسير من رواية كثير بن عطية عن رجل لم يسم، ورواه أبو منصور
الديلمي في مسند الفردوس من حديث معاذ وأبي موسى المديني في كتاب
تضييع العمر والأيام مرسلا وأسانيده كلها ضعيفة.
2 ـ قال العجلوني في كشف الخفاء: وأخرجه تمّام في فوائده عن ابن
عباس رفعه بلفظ (من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته)، ورواه الديلمي
عن علي من قوله بلفظ (الحزم سوء الظن)، وجميع طرقه ضعيفة يتقوى
بعضها ببعض.