:D
أرســـــــــلان الدمشــــــــــــــقي
ولد الشيخ أرسلان الدمشقي أبو النجم بن يعقوب بن عبد الرحمن عام 470 هجرية في قلعة جعبر قرب مدينة الرقة السورية، واشتهر باسم الشيخ أرسلان، كما اشتهر باسم الشيخ رسلان التركماني.
كان أبوه من الأجناد المقاتلين ضد الفرنجة، حيث كانت جعبر من الثغور المقاومة للفرنجة، جاء إلى دمشق، وعلى الرغم من توفر المال والمنصب لدى أبيه ولكنه اهتم بالكسب الحلال وكان يعمل نشاراً للخشب، فلم يقبل أن يكون في أرزاقه شيء من صدقات الناس أو من خزانة الدولة، وكان يقسم أجرته أثلاثاً، الثلث للنفقة على نفسه، والثلث للكسوة، والثلث للصدقة.
ولم يعرف عن الشيخ أرسلان في بداية حياته مشاركة في الحياة العامة واكتفى بالنشاط الصوفي، فكان يتعبد أولا في مسجد صغير داخل باب توما وقد حفر فيه بئراً بيده، وكان بيته طبقة صغيرة والى جانبها دكان حياكة، وقد صحب أبا عامر المؤدب وتتلمذ عليه في الزهد والتصوف.
وخلال توسعة قام بها نور الدين الشهيد للمسجد انتقل الشيخ أرسلان إلى باب توما، وهناك اتخذ لنفسه زاوية ورباطاً عند الخيمة التي نصبها خالد بن الوليد يوم فتح الشام، ولا شك أنه بذلك كان يحدد تماما ً رسالته في التربية والجهاد، وقد ظل إلى وفاته في هذه الزاوية التي عرفت باسمه فيما بعد.
كانت بلاد الشام في نهاية القرن السادس الهجري تشهد ظروفاً بالغة التعقيد فقد وصل الصليبيون إلى المنطقة وأسسوا عدداً من الممالك واستولوا على فلسطين ولم يردهم عن دمشق إلا صلح ذليل عقدوه مع والي دمشق معين الدين أنر واشترط فيه أن تكون للصليبيين حامية مراقبة على أبواب دمشق ولي نور الدين الشهيد أمر دمشق وقرر المواجهة المباشرة مع الفرنجة وطرد الحامية الفرنجية من مدخل دمشق.
ولكن الدور الأهم الذي قام بها الشيخ أرسلان كان في تأسيس مقاومة شعبية حقيقية ضد الفرنجة، فمع أنه لم يدخل في خدمة السلطان نور الدين ولم ينتسب لجيش الدولة ولكنه أسس في رباطه في مسجده عند سور دمشق الشرقي خلايا مقاومة
على نهج السلف، فكانوا رهبان الليل وفرسان النهار، وكانوا يطوفون لحماية المدينة من هجمات الصليبيين، ثم يعودون إلى شيخهم في زاويته حيث كان يبث فيهم روح الفداء والشهادة، ويمنحهم مواجد العرفان والشوق للقاء الله والجنة.
وكان الشيخ يعلمهم في الرباط المبارزة وفنون القتال حتى لقب الشيخ بإمام السالكين و شيخ المجاهدين و حتى الآن يردد أهل الشام في ارجوزاتهم شيخ رسلان يا شيخ رسلان, يا حامي البر والشام.
وممن روى كراماته وعجائبه العماد الأصفهاني في كتابه شذرات الذهب, أما الشيخ عبد الوهاب الشعراني صاحب الطبقات الكبرى فقد ذكر من عجائبه أنه كان إذا استمع إلى إنشاد في مجلس من المجالس, يثب في الهواء ويحوم فيه, وأنه إذا جلس إلى شجرة يابسة اخضرت وأثمرت، وتقول العامة إن طيوراً خضراً لا تبارح قبره منذ دفن فيه،
قيل اختلف على قبلة احد المساجد أثناء بناءه فاحضرو الشيخ ارسلان والذي اشار بمحجنه الى اتجاه القبله فلمع برق بالسماء باتجاه الإشاره فصدقه الحاضرون.
ويروي العامة في كل جيل أن الشيخ أرسلان يقوم بحماية الشام من الأعداء المغيرين عليها، ونسجت مئات الحكايا عن قدراته الخوارقية أيام الاحتلال الفرنسي في وقف القوات الفرنسية الأمر الذي جعل الثوار يذكرونه دوماً في معرض نشاطهم في المقاومة والثورة.
ظل الشيخ يرشد ويربي ويناضل ويجاهد حتى وافاه الاجل عام 1146 ميلادية ودفن بتربته المعروفة بتربة الشيخ ارسلان بدمشق