:)
محمد بن سيرين
مــولده ونشــأته:
ولد محمد بن سيرين رحمه الله في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
كان أبوه (سيرين) مملوكًا لأنس بن مالك الصحابي الجليل، وكان من نصيبه بعد معركة (عين التمر) وهي بلدة غربي الكوفة افتتحها خالد بن الوليد في خلافة أبي بكرالصديق رضي الله عنه، فأعتقه أنس.
وأمه اسمها (صفية) وكانت أمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فأعتقها أيضًا.
عرف أبوه وأمه بالصلاح وحُسن السيرة.
طلبه للــعلم:
نشأ محمد بن سيرين في بيت تحوطه التقوى والورع واتصل بمجموعة كبيرة من الصحابة رضي الله عنهم مثل:
* زيد بن ثابت
* عمران بن الحصين
* أنس بن مالك
* أبو هريرة
* عبد الله بن الزبير
* عبد الله بن عباس
* عبد الله بن عمر
أقبل محمد بن سيرين على هؤلاء الصحب الكرام ينهل من علمهم وفقههم وروايتهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
شهـرته:
اشتهر محمد بن سيرين وذاع صيته وعلت شهرته في البلاد وعُرف بالعلم والورع
وقد كانت له مواقف مشهورة مع ولاة بني أمية صدع فيها بكلمة الحق وأخلص النصح لله ولرسوله؛ منها: سأله مرة عمر بن هبيرة والي بني أمية على (العراقين): كيف تركت أهل مصرك يا أبا بكر (كنية ابن سيرين)؟! فقال محمد بن سيرين: تركتهم والظلم فيهم فاش وأنت عنهم لاهٍ. فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفت إليه قائلا: إنك لست الذي تُسأل عنهم وإنما أنا الذي أسأل وإنها لشهادة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) فأجزل ابن هبيرة له العطاء فلم يقبل، فعاتبه ابن أخيه قائلا: ما يمنعك أن تقبل هبة الأمير؟ فقال: إنما أعطاني لخير ظنه بي، فإن كنت من أهل الخير كما ظن، فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن، فأحرى بي ألا استبيح قبول ذلك.
ورعـــه:
ومن ورع محمد بن سيرين رحمه الله أنه سمع أحد الناس يسب الحجاج بن يوسف بعد وفاته فقال له:" صه يا ابن أخي، فإن الحجاج مضى إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله عز وجل ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج، فلكل منكما يومئذ شأن يغنيه، واعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم كما سيقتص للحجاج ممن يظلمونه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد" .
منح الله سبحانه وتعالى ابن سيرين سمتًا صالحًا وقبولا في قلوب الناس، فكان الناس إذا رأوه في السوق وهم غارقون في غفلتهم انتبهوا وذكروا الله وهللوا وكبَّروا.
وكانت له تجارة وله بيع وشراء في السوق فإذا رجع إلى بيته بالليل أخذ في القيام يتلو القرآن ويبكي.
وكان في تجارته ورعًا لدرجة أنه ذات مرة اشترى زيتًا بأربعين ألفًا مؤجلة، فلما فتح أحد زقاق الزيت وجد فيه فأرًا ميتًا متفسخًا فقال في نفسه: إن الزيت كله كان في المعصرة في مكان واحد وإن النجاسة ليست خاصة بهذا الزق دون سواه، وإن رددته للبائع بالعيب فربما باعه للناس. فأراق الزيت كله.
ثناء العلمـــاء عليه:
قال مورق العجلي: " ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين" .
وفـــاته:
توفي محمد بن سيرين بعد أن عمَّر حتى بلغ السابعة والسبعين عامًا، رحمه الله .