:)
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ...
رجل من العارفين بالله ، قال لعارف آخر : يا فلان ألا تشتاق إلى الله عز وجل ؟
ومِنْ أمتع ما في الحياة مذاكرة العلم . عارف بالله سأل عارفاً بالله آخر : ألا تشتاق إلى الله ؟ ..
قال لا والله لا أشتاق إليه .. أعوذ بالله ما هذا الكلام ؟ قال لا والله لا أشتاق إليه ، قال: ما هذا الكلام؟
أجابه ، متى غاب عني حتى أشتاق إليه ؟ .. متى غاب عني ؟
وآخر يسأل يا إمام متى كان الله ؟ قال ومتى لم يكن ؟ .. متى لم يكن حتى تقول لي متى كان الله ؟ .
قال له : يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس إذا مُنع عنك ، قال بنصف ملكي ،
قال فإذا مُنع إخراجه قال : بنصف ملكي الآخر .
أنت مُحتاج إلى الهواء ، فلو مُنع منك الهواء ..
هذا الذي كان يقطع الصحارى ، يجتاز الصحراء على ناقة عليها زاده وطعامه وشرابه تعب من السفر ،
جلس ليستريح ، أفاق فلم يجد الناقة وعليها طعامه وشرابه ، وهو في عُرض الصحراء ، فأيقن بالهلاك ،
من شدة البكاء أخذته سنة من النوم ، أفاق فرأى عن بعد شجرةً ، فأشرق في نفسه نور من الأمر ،
هُرِعَ نحو الشجرة ، فإذا إلى جانبها بركة ماء شرب منها حتى ارتوى ، ثم تولى إلى الظل ،
فإذا كيس مملوء ، ففرح به فرحاً عظيماً، وهو يحسب أن فيه خبزاً ، ولكنْ يا للأسف ،
لقد فتح الكيس فلم يجد فيه إلا لآلئ ، فصاح وا أسفاه هذه لآلئ ، اللآلئ لها قيمة في المدينة ؟
لو كان في الكيس خبز ! أما وقد منع منك الخبز يقول وا أسفاه هذه ليرات ذهبية .
ماذا أفعل بها في الصحراء ؟
في الحرب العالمية الثانية كما سمعت ، الرغيف بيع بليرة ذهبية .
إذاً فالإنسان ضعيف ، مفتقر إلى الهواء ، مفتقر للماء ، مفتقر للخبز مفتقر إلى الأهل ،
مفتقر لمن يؤنسه ، مفتقر لمن يحبه ، أنت فقير في الأصل ،
ويُعاب أن تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم .. لذلك سيدنا إبراهيم ماذا
قال حينما جاءه سيدنا جبريل ؟ قال له ألك عند الله حاجة ، وقد أوقدوا ناراً عظيمة ،
وألقَوه بها ، يا إبراهيم ألك عند الله حاجة ، قال : علمه بحالي يغني عن سؤالي ..
قلنا يا نار كوني برداً لو لم يقل الله: سلاماً لماتَ من البرد ، قال سلاماً لو لم يقل
على إبراهيم لصارت النار منذ أن وضع هذا النبي العظيم بهذه النار حتى الآن لصارت
لا تحرق وفقدت خصيصتها . ولما عدنا نستفيد منها ، بضع كلمات ،
" يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم "لو لم يقل على إبراهيم لكانت النار لا تحرق أحداً إلى يوم القيامة ، ولما وجدت في
طبخٍ وسيلة ، ولما تمكنت من صهر حديد ، ولما نعمت في تدفئة مركزية ،
أو حلمت بمدفأَة تدفأ بها انتهى .
نعم برداً وسلاماً على إبراهيم فقط ! يعني إذا كان الله معك فمن عليك ،
المؤمن له معاملة خاصة عند الله عز وجل ،
" يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " ولديك قانون :
"وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ"والله هذه الآية وحدها ، تملأ النفس إشراقاً ، تملأ النفس طمأنينةً تملأ النفس عزة ،
تملأ النفس كرامةً ، " وكذلك ننجي المؤمنين ".
فليتك تحلو والحياة مريـــــــــرة == وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامـــــــر == وبيني وبين العالمين خــراب
إذا صح منك الوصل فالكـــل هيــن == وكل الذي فوق التراب تـراب
...
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي == رأوه لما وليت عنا لغيرنـــــــــا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنـــــا == خلعْتَ عنك ثياب العجب وجئتنا
كل أمراض الجسد تنتهي عند الموت ، وكل أمراض القلب تبدأ عند الموت
" الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا " .. اللؤم الذي فعله إنسان في الدنيا مُخَدّر ، أما إذا استيقظ عند الموت
فحاله ساعة ئذٍ يكشفها معنى الحديث الشريف التالي ،
إن العار كما ورد في الأحاديث الشريفة في الجامع الصغير :
" إن العار ليلزم المرء يوم القيامة ، حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار
أهون علي مما ألقى ، وإنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب ". آلام النفس ، آلام الندم ، الشعور بالخيبة ، الشعور بالخسارة الكبرى
قال : حكي عن إبراهيم ابن الأدهم ، أنه مرَّ بسكران ، مطروح على قارعة الطريق ،
وقد تقيأ ، فقال في نفسه بأي شيء أصابته هذه الآفة وقد ذكر الله بهذا الفم ، هذا اللسان ذكر الله،
هذا الفم ذكر الله ،هو ممتلئ زَبَداً قيئاً ، ملقىً على قارعة الطريق ، وكان إبراهيم شيخاً جليلاً عظيماً ،
فجاء بنفسه وغسل فمه ، فلما أفاق السكران أُخبر بما فعله معه إبراهيم ابن الأدهم ،
فخجل الرجل السكران من الله تعالى ، وتاب، وحسنت توبته فرأى إبراهيم في المنام
كأن قائلاً يقول له ، يا إبراهيم طهَّرت فمه من أجلنا ، فطهرنا قلبه من أجلك ..
تأثرت من هذه القصة ، يعني مثلاً لك ابن يأسان منه ، حاولت أنْ يصلي ولو صلاة
شكلية، جهدت حتى جعلته يصلي هذه الصلاة الشكلية ، لعل الله عز وجل يتفضل عليك فيطهر قلبه.
أنت كن عند الأمر والنهي وعلى الله الباقي ، قف في الصلاة متخشعاً لعل الله يتجلى عليك،
حاول أن تصلي مع أولادك لعل الله سبيل الرشاد ، طهر ظاهرهم لعل الله يطهر باطنهم
لك الظاهر وعلى الله السرائر .
قال يا إبراهيم لقد طهرتَ فمه من أجلنا فطهرنا قلبه من أجلك .. القصة لها تتمة ،
دخل مسجداً مرة ، ورأى رجلاً يبكي بكاءً مراً ، ويتهجد وينادي ربه ، ويدعوه ،
أعجبته هذه الصلاة وهذا التهجد وهذا الخشوع قال : من أنت يا فلان ؟ من الرجل ؟
قال إن الذي هداني أخبرك بحالي ما قال لك يا إبراهيم طهرت فمه من أجلنا فطهرنا
قلبه من أجلك ، إن الذي هداني أخبرك بحالي ..
لا تيأس ، لو رأيت الإنسان في أقل درجات المعصية أو في أشدها، الصلحة
مع الله ممكنة بلمحة ..
" إذا رجع العبد إلى الله ، نادى منادٍ في السماوات والأرض
أن هنِّئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله " . يا أيها الإخوة الأكارم :
إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونوراً في القلب ، وسعةً في الرزق وقوةً في البدن ،
ومحبة في قلوب الخلق ..ألا يتمنى أحدنا أن يكون كذلك ، وجه كالشمس منير ،
قلب مستنير سعة في الرزق ، قوة في البدن ، محبة في قلوب الخلق .
أحد العلماء بمصر عاش مائة وثلاثين سنة .. رجل من علماء دمشق رحمهم الله تعالى ،
عاش ستاً وتسعين سنة ، ويروي عنه تلامذته أنه كان مستقيم القامة ، حاد البصر ،
مرهف السمع ، أسنانه في فمه ، خدوده متوردة ، قوي البنية ، كلما سُئل ، ما هذه الصحة ؟
يقول يا بني حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر .
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا .
قال : وإن للسيئة سواداً في الوجه ، وظلمة في القلب والقبر ، ووهناً في البدن ،
ونقصاً في الرزق ، قال عليه الصلاة والسلام :
" قد يُحرم المرء الرزق بالذنب يصيبه " .
ونقصاً في الرزق ، وبغضاً في قلوب الخلق ، والذنب ـ أيها الإخوة ـ والسيئة سببُ
هوانِ العبد على ربه ، وسقوطه من أعين خلقه .. هان الله على الناس فهانوا عليه .
آخر نصيحة ، اتق الله باجتناب المحرَّمات تكن من التوابين ،
وتورَّع عن اقتحام الشبهات تكنْ من المتطهرين ،
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً .
والحمد لله رب العالمين.
منقول....