إن المنهج الإسلامي في معرفة الله بعيد عن أيِّ خرافة أو وهم أو ظن وهو منهج يقوم على أساس
العلم والوعي وكثير من الناس تسيطر على حياتهم الأوهام أو الخرافات وتدفعه إلى ممارسة
أعمال فاسدة، ليس لها أساس صحيح يدعمها، فتذهب جهودهم عبثاً أو توجه إلى باطل
يلحق بالإنسان أكثر الأضرار والمفاسد. وذلك يعود إلى سلوك منهج فكري معوج،
فعندها يقع الإنسان في خديعة الظنون الكاذبة.
ولذلك نرى أن الخطاب الإسلامي
يوجِّه الناس إلى اتخاذ العلم وسيلة للوصول
إلى اليقين وأن لا يتبع الإنسان ما لا علم له به،
لأنه يوقعه في متاهات من الجهل. قال الله تعالى:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسئولاً} [الإسراء: 36].
وقال تعالى في شأن الكافرين: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157].
وقال تعالى عن المضلين: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ(1)} [الأنعام: 116].
وقال سبحانه وتعالى فيهم أيضاً: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَآئِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:119].
وإذا أراد الإنسان إيماناً صحيحاً فعليه بالعلم قال الله تعالى
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الرعد: 19].
لأن الإيمان دون علم ووعي يكون إيمان المقلد لغيره،
فهو سرعان ما يهتز عند أول شبهة قال الله تعالى:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر: 9].
والنتيجة الحتمية للبحث العلمي المنصف في ظاهرة الرجوع الكوني وصول
الباحث إلى حقيقة الإيمان بالله تعالى وعظيم صفاته، والشهادة بذلك إذا كان الباحث موضوعياً متجرداً منصفاً.
قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18)}
ومتى وصل الباحث في العالم إلى الإيمان
وتحقق من هذه المعرفة فلابد أن يكون أكثر
الناس خشية لله تعالى. قال الله تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].