الوهاب في اللغة : |
الوهاب في اللغة صيغة مبالغة على وزن فعَّال من الواهب ، وهو المعطي للهبة ، والفعل وهب ، يهب ، وهباً ، وهبةً ، والهبة عطاء بلا عوض
الهبة : العطية الخالية من الأعواض ،
أما الهبة تندرج تحت عملية لا علاقة للعوض بها ، فالهبة هي العطية الخالية عن الأعواض والأغراض ، فإذا كثرت سمي صاحبها وهاباً ، واهب أو وهاب ، وهو من أبنية المبالغة .
فالبيع يندرج تحت المعاوضات ،
ماذا وهبنا الله ؟
﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ .
كل شيء أنت فيه هبة من الله تعالى
كل شيء موجود هو من فضل الله علينا :
الألوان ، الجمال في الأرض ، الزوجة ، الأولاد ، الورود ، الرياحين ، الجبال الخضراء ، البحار ، الأرض جميلة جداً ، كل هذا الجمال لولا العين لما أدركته :
﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) ﴾
( سورة البلد) .
أول شيء وهبنا الله إياه هو نعمة الوجود
قال بعض العلماء : " الوهاب من يكون جزيل العطاء "
والوهاب من يعطيك بلا وسيله وينعم عليك بلا سبب ولا حيلة.
والوهاب هو الذي يعطي بلا عوض ويميت بلا غرض .
الابن الصالح هبة من الله عز وجل للإنسان :
أيها الأخوة :
(( إن أولادكم هبة الله لكم ، هدية الله لكم، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ، فهم وأموالكم لكم إذا احتجتم إليها)).
[ البيهقي عن عائشة رضي الله عنها ] .
أنت ومالك لأبيك ، إذا احتجت لمال ابنك ، ورحم الله والداً أعان ولده على بره ، أنت ومالك لأبيك ، لا يعني أن تأخذ مال ابنك كله ، لا ، معنى ذلك أنك إذا احتجت فلك أن تأخذ من مال ابنك بقدر حاجتك ، هذا هو المعنى الدقيق ، الآية الكريمة :
﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ﴾ .
( سورة ص الآية : 30 ) .
يعني أخواننا الكرام ، الذي عنده ابن صالح ينبغي أن يقبل الأرض شكراً لله عز وجل ، لأنه هبة الله عز وجل ، هناك أبناء يجعلون حياة أهلهم جحيماً لا يطاق ، وقد يكون الأب عالماً ، يعني حينما ترى ابنك كما تتمنى ، حينما يكون ابنك قرة عين لك ، هذه نعمة لا تقدر بثمن ، لذلك الابن هبة ، أي الذي عنده ابن صالح ينبغي أن لا يكثر من هذه المعلومات : أنا ربيته ، أنا تعبت فيه ، هذه نتائج جهدي ، قل هذه نتائج فضل الله عليّ ، هناك آباء بأعلى درجة من الثقافة ، والعلم ، والفهم ، والتربية ، وعندهم أولاد أشرار ، هذه حقيقة ، كلمة :
﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾
( سورة الأنعام الآية : 84 )
أي الابن هبة من الله عز وجل فإذا كان صالحاً فهذه نعمة بالغة .
على الإنسان أن يسأل الله حاجته كلها مهما عظمت أو قلّت :
الله عز وجل جاء بك إلى الدنيا ليعطيك سؤلك بصدق :
يعني يا رب لا نسألك ردّ القضاء ولكن نسألك اللطف به ، لماذا هذا الدعاء ؟ يا رب اصرف عني هذا البلاء كلياً ، الله عز وجل إذا أعطى أدهش ، كأن دعاءك يفهم أنك لا تريد أن تحل المشكلة كليا جزئياً ، لماذا جزئياً ؟ هناك أدعية لم يدع بها النبي عليه الصلاة والسلام ، لا نسألك رد القضاء كلياً نسألك اللطف به ، أي سيأتيني حجر يا رب اجعله صغيراً ، لماذا هذا الدعاء ؟ يا رب اصرف عني هذا البلاء كلياً ، كن طموحاً ، اطمع بفضل الله عليك ، اسأل الله حاجتك كلها ، اسأل الله ملح طعامك ، اسأل الله شسع نعلك إذا انقطع ، اسأل الله كل حاجاتك ، اسأل الله ما عظم من حاجاتك ، وما قل .
النظر إلى وجه الله الكريم أعظم عطاء يحصّله الإنسان في الآخرة : |
في الآخرة :
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) ﴾
( سورة ق) .
المزيد النظر إلى وجه الله الكريم ، لذلك الله عز وجل من أسمائه الوهاب ،
أن يهب ما يشاء لمن يشاء ، وكيف يشاء ، ومتى يشاء ، وفي أي مكان يشاء ، لذلك ما يعطيه لعباده ظاهراً وباطناًً ، في الدنيا والآخرة ،
إنما هي نعم وهبات وهي من الكثرة بحيث لا تحصيها الحسابات .
هذا الاسم له علاقة بالحب ، كيف ؟ ورد في بعض الآثار القدسية :((ياداود ذكر عبادي بإحساني ، فإن القلوب جبلت على حبِّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها)) .[ ورد في الأثر ] . فالوهاب يعني أن تحبه ، لأنه وهبك نعمة الإيجاد ، أنت موجود ، تأكل ، وتشرب ، ولك زوجة ، ولك أولاد ، وتسافر ، وترى بلاد الله الواسعة ، منحك نعمة الإيجاد ، ومنحك نعمة الإمداد ، أمدك بالهواء ، أمدك بالماء ، أمدك بزوجة ، أمدك بمأوى ، بالمتع ، بالورود ، بالأسماك ، بالأطيار.لا يُعقل أن تحب مخلوقاً ، وأن تنسى الذي منحك نعمة الوجود ، نعمة الإمداد ، نعمة الهدى والرشاد ، سأريكم بعض الأمثال : خبيب بن عدي : كان على مشارف القتل ، أُلقي القبض عليه من قبل كفار مكة ليُصلب ، صلبه المشركون على جذع نخلة تمهيداً لرميه بالسهام ، قال له أبو سفيان : يا خبيب أتحب أن يكون محمد مكانك ؟ الكلام الشائع الآن : اسمعوا إلى هذا الجواب ، قال : والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي وعندي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة . فقال أبو سفيان : ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ." ما هذا الحب ؟ اقرؤوا تاريخ الصحابة أيها الإخوة تجدوا العجب العجاب ، تجدوا شيئاً لا يوصف .الخنساء قبل أن تُسلم ملأت الدنيا صخباً وعويلاً على أخيها صخر ، فلما توفي أولادها الأربع ، استشهدوا في القادسية ، ما زادت على أن قالت :" الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته ".إذا تأملنا في اسم الوهاب بحسب فطرتنا وبحسب جبلتنا القصد أن يمتلئ قلبنا حباً لله ، فإذا امتلأ قلبنا حباً لله رأينا من معاملة الله لنا ، رأينا من تجليه على قلوبنا رأينا من التوفيق ، رأينا من السَّداد ، رأينا من الرشاد ، رأينا من الشعور بالتفوق ، رأينا من الشعور بالفلاح ما لا سبيل إلى وصفه .إذاً الإيمان أساسه الحب ، " ألا لا إيمان لمن لا محبة له " نحن غارقون في النعم ، لاحظْ نفسك لو ركبت سيارة عامة وبجانبك صديق دفع عنك ثلاث ليرات ونصف ، تشكره و تبالغ في شكره وتخجل وقبل أن تنزل تدعوه إلى البيت ، لأنه دفع عنك ثلاث ليرات ونصف .. راقب نفسك ، لو أن إنساناً قدم لك هدية فإنك تذوب خجلاً أمامه ، تعبر عن امتنانك وعن شكرك وعن محبتك وتوعده بزيارة وتدعوه لأنه قدم لك هدية ، هكذا النفس البشرية .لا حظ نفسك لو أن أحداً دعاك إلى طعام فقبل أن تنتهي من الطعام تقول له أكل طعامك الأبرار أو تقول له نعمة دائمة أو أكرمتنا أكرمك الله ، والله يديم عزك والله يبارك فيك ، تتفنن بالعبارات ، تذوب خجلاً .. لماذا إذا جاءتك نعمة من إنسان تذوب خجلاً وإذا أنعم الله عليك بنعم لا تُقدّر !!! " أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ(8)وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ(9)وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ(10) " .إذا تحدثنا عن اسم الوهاب ورأيت النعم التي وهبك الله إياها يجب أن يكون منعكس هذا الدرس حباً ، والحب من علامته الطاعة : تعصي الإله وأنت تظهر حبـه ذاك لعمري في المقال شنيــع لو كان حبك صادقاً لأطعتـــه إن المحب لمن يحب مطيــع ما حظ المسلم من هذا الاسم:أيها الأخوة ، علاقة المسلم بهذا الاسم أن يتصف بالكرم ، الله وهاب ، وأنت أعطي :(( أنفق ، أنفق عليك)) .[ متفق عليه عن أبي هريرة ] . (( أنفق بلالا ولا تخشى من ذي العرش إقلالا )) .[ أخرجه برموز السيوطي عن بلال ، وعن أبي هريرة ، عن ابن مسعود ] . من خصائص المؤمن وقد آمن بالله الوهاب أن يكون كريماً معطاءً سخياً ، لذلك روى النبي عليه الصلاة والسلام في حديث دقيق :(( لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يرجع فيها إلا من ولده )) .[أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه ] . يعني اشترى له سيارة ، ربما كانت هذه السيارة سبب انحرافه ، أما غير الابن لا يجوز :((لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يرجع فيها إلا من ولده ، فمن فعل ذلك فمثله كمثل الكلب يأكل ثم يقيء ثم يعود في قيئه )) .[أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه ] . والعائد من هبته كالعائد في قيئهنعم الله علينا لا تعد ولا تحصى إن حجبت نعمة كانت حياتنا جحيماوالحمد لله رب العالمين