بسم الله الرحمن الرحيمالشيخ المربي المرشدثم أن هناك نوعا من الصالحين نحتاج إليهم في مثل هذه المجالس في السير لله عزوجل وهم الصالحون الذين هيئهم الله للدلالة على الله، ا
لشيخ المربي المرشد الذي يدل السالك إلى الله عز وجل.. كيف يمكن أن يتخلص ويتخلى عن الصفات الذميمة التي لا ترضي الله عز وجل وكيف يعينه أن يتحلى بالصفات الحميدة، الشيخ الذي له خبرة بأمراض القلوب وكيفية معالجتها، الإنسان بحاجة إلى هذا الأمر من أراد أن يتخلص من صفات نفسه الذميمة يقرأ كلام الله يُرتل، ينظر في كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم، يُجاهد نفسه، ينظر في كلام القوم، كما أنه أيضا بحاجة إلى مُعلم.. بحاجة إلى مُرشِد..
ولهذا جاء شأن النبي مع الصحابة والصحابة مع التابعين والتابعين مع تابعي التابعين، الصحبة، كان الصحابة مرشدهم سيدنا محمد.. الله.. الله.. الله.. ما أحد عنده شيخ مثل شيخهم، ولهذا اعرف أدبك مع الصحابة، انتبه تضيع!!، لا تضحك عليك نفسك ولاعقلك ولاقرأت التاريخ.. دققت.. عندك تجرد في القراءة في النظرة.. انتبه هؤلاء شيخهم محمد صلى الله عليه وسلم سيد الوجود، أنت من شيخك؟ اعقل واعرف من أنت!!
والصحابة كانوا شيوخاً مرشدين للتابعين، والتابعون كان منهم الشيخ المرشد لتابع التابع، فمسألة الأخذ والتلقي مسلسلة من رسول الله إلى مشايخ زماننا الربانيين رواية ودراية وتزكية هذا أمر يحتاج إليه السائر إلى الله، نعم!! ومن ادعى أن الإنسان لا يحتاج إلى مرشد يربيه ويوجهه ويبصره بعيوبه فكأنه يُبطل دور النبوة والعلم (إرث النبوة)، الحاجة ماسة أنا أحتاج إلى من ينبهني ..
كيف أعرف هذا الشيخ المرشد؟كيف أميز هذا الشيخ؟ الإدعاء في هذا الباب للاسف كثير، يكثر من يدعون الصلاح والمشيخة، أسأل الله يُصلح أحوالنا جميعاً.. ومسألة السير إلى الله هذه رأس المال ليست محل للمخاطرة لا أسَلِم مسألة سيري إلى الله وزمام تربية نفسي إلى كل من هبَّ ودبَّ، وليس الضابط هنا الشهرة، يقول الامام الغزالي رحمه الله
f]إن من الكبر الخفي أن يأبى التلميذ إلا أن يأخذ عن مشاهير العلماء أو المشايخ المربين ويستنكف أن يأخذ عن الخاملين ] يعني الذين لايعرفهم الناس خاملي الذكر إلا أن مقصودك في الأصل الوصول إلى الله فإذا وجدت من يدلك بغض النظر عن نظر الناس إليه ففيه من الخير ما لا يخطر لك على بال..
ما هي صفات الشيخ المربي الذي يدل على الله سبحانه وتعالى؟ يجب أن تقتنع هذا الشيخ يصلح أن يكون مرشدا لي دالا على الله، يقول الإمام الحداد في آداب سلوك المريد عبارة سأقرأها لكم لأنها عبارة نفيسة يقول هناك:
]وكن شديد الحرص على طلب شيخ صالح .. مرشد ناصح.. عارف بالشريعة.. سالك للطريقة.. ذائق للحقيقة.. كامل العقل .. واسع الصدر.. حسن السياسة.. عارف بطبقات الناس مميز بين فطرهم وغرائزهم وأحوالهم] ..
* الصلاح.. الاستقامة.. مرشد.. أي أن وصفه الإرشاد عالم عارف بالشريعة” وكن شديد الحرص.. شديد الحرص لأنك محتاج إلى ذلك على طلب أي البحث لا هذه المسألة ليست بسهولة على طلب شيخ صالح فأول صفاته الصلاح والاستقامة مرشد صالح، أي انه صالح في نفسه حريص على إصلاح غيره غير مكتف بصلاحه معرض عن بدل النصيحة والإرشاد للبشر ..
* عارفٍ بالشريعة.. فلا يتأتى أن يدل على الله من هو جاهل بشريعة الله “ما اتخذ الله من وليٍّ جاهل ولو اتخذه لعلمه” قد يكون أمياً ويعلمه الله عز وجل وينبهه إلى سلوك طلب العلم، أقل ما ينبغي ان يكون فيه من معرفة بالشريعة أن يعرف ما يجب أن يعرفه كل مسلم المتعين فرض العين، وأن يعرف من العلم الشرعي ما يتعلق بإرشاد العباد، لابد أن يكون له نصيباً من ذلك فإن كان من العلماء فهو أولى وأولى من المتنفعين في العلم..
* سالك للطريقة.. أي سار إلى الله عز وجل مشى في مراتب التهذيب للنفس جرب ما ستجربه ما سيرشدك إليه، قد يكون هناك إنسان اجتباه الله عز وجل، جذبه إليه جذبة صالحة فما عانى شؤون الطريق، إن لم ينظر بشأن السلوك يَصعُب عليه أن يُعَرّفَ الناس لهذا البعض يظن أنه بمجرد أن يجد شخص مظنـّة ولاية وصلاح في حاله، هذا له من كرامات ومن الأولياء هو الذي سيوصلني إلى الله.. لا!! المسألة دلالة على الله.. شرح لمَسلك الطريق.. فينبغي أن يكون سالكاً للطريقة.
* ذائق للحقيقة.. أي أن ثمار سيره إلى الله بعلم بالشريعة واستقامة وصلاح قد أوصله إلى تَذوُق معاني المعاملة مع الله عزوجل.
* كامل العقل.. بمعنى أنه صاحب تبصر ليس من الطائشين المندفعين، كامل العقل..
* حَسَن السياسة.. أي سياسة النفوس يُحسن مسايسة النفوس البشرية، لا يكون أرعناً، إذا حصلت مشكلة صاح وانتهت المسالة، لا.. يقولون: “سَهـُلَ ترويض السباع ولم يسهل ترويض الطباع، يقولون هكذا..
قال: حسن السياسة عارف بطبقات الناس مميز بين غرائزهم انفعالاتهم، وعاداتهم وفطرهم وأحوالهم، قال هذا الذي هذه أوصافه
]فإن ظفرت به فألق بنفسك عليه]، صالح.. ناصح.. عارف بالشريعة.. سالك بالطريقة.. ذائق للحقيقة.. مستقيم على مسلك المتابعة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، عارف بطباع الناس متنبه لسياسة نفوسهم صادق متنور الباطن، إن وجدت من هذه صفاته تغانمه واعكف عليه وامتثل أمره من غير معصية الله فيما يتعلق بالسير إلى الله،
كن كالمريض بين يدي الطبيب إذا تعاملت معه، المريض إذا ذهب إلى الطبيب ما يتفلسف كثيرا أمام الطبيب يتأكد فقط أن الطبيب هذا طبيب ماهو طبيب بس معلق لوحة ومعه شهادة .. ماهو شيخ ولحية عمامة ولاغترة وسبحته طويلة والناس خلفه تركض.. لا!! تأكد أنه طبيب ولو تأكدت أنه طبيب كنْ كالمريض مع الطبيب، المريض إن قال له الطبيب عندك مشكلة كذا تحتاج الى الدواء الفلاني ياخذ الدواء ويتعالج..
آداب التعامل مع الشيخويحتاج المريد بصلته بالشيخ الذي يدلُ على الله بعد أن يتأكد من حال هذا الشيخ وصدقه مع الله، يحتاج الى آداب في التعامل، بعض هذه
الآداب عامة ينبغي أن يتعامل بها المسلم مع كل حواليه.. منها أن لا يقاطعه في كلامه .. أن لا يسيء إليه في المعاملة، منها أن يتودد إليه، هذه مع الكل.
ثم هناك
أخلاق نتعامل بها مع العلماء العاملين مع من يُعلـّم، التلميذ مع المعلم، بقدر ما يكون عند التلميذ من نباهة وذكاء ومطالعة، أيضا ومن أدب وحُسن المعاملة يستفيد.
- أدب تلاميذ الرسول: كان التلاميذ .. أعظم تلاميذ في الوجود عند أعظم أستاذ في الوجود صلى الله عليه وعلى آل بيته وعليهم أجمعين إذا جلسوا بين يديه وكان على رؤسهم الطير، يغضون البصر، إذا تكلم كانوا كلهم آذان صاغية.. غاية في الأدب معه، لا يحدون البصر إليه إمعاناً، نعم لأنه رسول الله لكن أيضاً لأنه معلمهم ومربيهم، لأن الصحابة رأينها منهم ذلك مع بعضهم البعض التلاميذ مع الأساتذة .
- أدب الصحابة مع بعضهم : ابن عباس رضي الله عنهما تتلمذ على زيد بن ثابت رضي الله عنه، كان يجلس على باب زيد لا يدق الباب ينتظر متى يخرج زيد، قال ربما يأتي الريح فيسف التراب عليه حتى يمرّ المار لا يظنه إنسانا يظنه من متاع المنزل من كثرة التراب، فاذا خرج زيد ينظر من هذا فيقول ابن عباس ينفض الغبار عليه ما الذي جاء بك إلى هنا يا ابن عم رسول الله ؟ أدب الصحابه مع آل البيت لا حد يتفلسف يقول الصحابة وآل البيت كيف كانوا .. هذا أدب الصحابة مع آل البيت، فيقول جئت أسألك عن علم رسول الله الذي أخذته، ابن عباس توفي المصطفى وهو في الثانية عشرة من عمره وزيد أخ أكثر من التحصيل العلمي في الرواية، قال هلا أرسلت إليَّ فآتيك؟ أنت ابن عم رسول الله .. يقول العلم يؤتى (الأدب)، لِمَ لـَمْ تقرع عليَّ الباب؟ قال خشيت أن تكون بعض حاجتك مع أهل بيتك فأؤذيك.
- أدب الأستاذ مع التلميذ : يُرى ابن عباس وهو يحمل جنازة زوجة زيد فإذا به يأخذ بزمام دابة زيد أي كأنه من الخدم الذين عند زيد ويفعل زيد عن الراحلة فيأخذ هو بزمام الراحلة يسوقها .. لاحظ ..ابن عباس قـُرَشي وزيد وإن كان في الأصل من الأحرار لكنه كان مولى من الموالي، وكانت في العرب يصعب عليها أن يتواضع السيد القرشي مع المولى المملوك لكنه تأديب رسول الله لنفوس الصحابة كانه مملوك بين يديه، “
عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما فأخذ ابن عباس بركابه، فقال له: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال له: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا فقال زيد: أرني يدك، فأخرج يده، فقبلها فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا” ، هذا معنى من الأدب فيما بينهم البين على هذا الرُقي في المعاملة .. التلميذ مع الأستاذ والأستاذ مع التلميذ ورثَ ذلك مَن بعدهم..
- تسلسل الأدب فيمن بعدهم : حتى رؤي الإمام الشافعي رحمه الله يصف حاله مع شيخه الإمام مالك كان يقول كنت أصفح الورق بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها .. و تلميذ الشافعي الربيع قال كنت أستحي أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي أدباً مع الشافعي ..
الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله تلميذ الامام الشافعي كان يجلس مع بعض الكبار محدثي عصره من الأئمة الأكابر فيمر الشافعي من بعيد على بغلته فيقطع المجلس الإمام أحمد ويسارع الى الامام الشافعي ويأخذ بزمام بغلة الشافعي .. وهو أحمد ابن حنبل الشيباني العربي ابن القبيلة يأخذ بزمام دابة الإمام الشافعي ويتذاكر معه في العلم، فلما أوصل الشافعي إلى مقصده وعاد إلى أقرانه تغيضوا عليه قالوا كنا نتذاكر في حديث رسول الله فتركت هذا الامر لتأخذ بزمام البغلة؟ وأنت احمد ابن حنبل؟ قال دعوكم من هذا الكلام
إذا أراد أحدكم الفقه فليأخذ بزمام الآخر لهذه البغلة للشافعي.. الأدب الذي كانوا يعيشون عليه .. هذه آداب ينبغي أن نحرص عليها في حسن المعامله
تابع دروس"أيها المريد" للشيخ الحبيب علي الجفري زاده الله تعالى من عطائه وكرمه آمين
على هذا الرابط
http://www.almoreed.com/archives/episode29/