وسألته رضي الله عنه - الشيخ عبد العزيز الدباغ رضي الله تعالى عنه - عن الرؤيا التي هي من الله والتي هي من الشيطان.
فقال رضي الله عنه: إن من الذوات ذوات أقيم في الحق وعلقت به، ومن الذوات ذوات أقيمت في الباطل وعلقت به، وأمدت كل واحدة بما يليق بها ويديم عليها حالتها. ثم ضرب مثالا بسائلين كل واحد منهما يسأل عشرة دنانير، فأعطيها وفرح غاية الفرح. فأما أحدهما ففرحه برب العطية وسروره به بحيث إن ذلك يشعشع في باطنه وابتهج به سره، وصار ذلك ديدنه وهجيراه في ليله ونهاره، فهذا الذي أقيم في الحق وعلق به. والثاني فرحه بالدنانير ليقضي بها حاجته، فإذا وجدها ذهب خاطره مع الحوائج التي تقضى بها، فإذا قضاها وتم مراده منها رجع للطلب ويقول: يا رب أعطني عشرة أخرى، وقلبه مبتلى بالحوائج وإليها ينظر، وقوله يا رب أعطني ليس فيه إلا مجرد إمرار الإسم على لسانه مع فراغ القلب من معناه لكونه مغمورا بالإنقطاع والحجاب، فهذا هو الذي أقيم في الباطل وعلق به. فمرائي الأول من الله لتعلقه به، ومرائي الثاني من الشيطان لتعلقه به. والكل من الله عز وجل، وإنما أضيفت الثانية للشيطان لأنه يرضى بها ويحبها لبني آدم، لأنها ناشئة عن الظلام الذي يحبه الشيطان محبة الفرع لأصله إذ أصله الظلام.
قلت: وهكذا ذكر أئمة الحديث ابن حجر وابن العربي وابن بطال وابن أبي جمرة وغيرهم أن المرائي كلها من الله عز وجل وإنما أضيفت للشيطان لرضاه بها.
من الأبريز