الذكر أفضل من الصدقة
"ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وان تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا وما ذاك يا رسول الله قال ذكر الله "*
يا ربِّ ما أقربَ منكَ الفرجا * أنتَ الرجاءُ وإِليكَ الملتجــــا
يا ربِّ أشكوا لك أمراً مزعجاً * أبهمَ ليلُ الخطبِ فيه ودجا
يا ربِّ فاجعلْ لي منه مَخْرَجَاً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه من حيث لا يحتسب. ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها). "من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: "اللهم أدخله الجنة". ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: "اللهم أجره من النار"*
وقال صلى الله عليه وسلم في دعاء المضطر:
(اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت).
وعن ابن عباس أيضا "يجعل له محرجاً ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة*
وقيل: مخرجاً من كل شدة* وقيل: ومن الضيق إلى السعة من حيث لا يرجو*
وقول ابن عباس: مخرجاً من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة*
قال الشاعر:
وإني لأدعو الله والأمر ضيق * علي فما ينفك أن يتفرجـــــــــا
ورب أخ سدت عليه وجوهـــه * أصاب لها لما دعا الله مخرجاً *
أَنَّ زِيَادَ بنَ أَبِيْهِ بَعَثَ الحَكَمَ بنَ عَمْرٍو عَلَى خُرَاسَانَ، فَغَنِمُوا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالبَيْضَاءَ، لاَ تَقْسِمْ بَيْنَ النَّاسِ ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً.َكَتَب إِلَيْهِ الحَكَمُ: أُقْسِمُ بِاللهِ، لَوْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ رَتْقاً عَلَى عَبْدٍ، فَاتَّقَى اللهَ، يَجْعَلُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجَاً *وَالسَّلاَمُ)*
وفي قصة عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنا له يسمى سالما، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه الفاقة وقال: إن العدو أسر ابني وجزعت الأم، فما تأمرني؟ فقال عليه السلام: (اتق الله واصبر وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله). فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله. فقالت: نعم ما أمرنا به. فجعلا يقولان فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة*وقد صح في لا حول ولا قوة إلا بالله أنها تدفع سبعين بابا من الضر أدناها الفقر وفي رواية أدناها الهم*وقد وردت أحاديث لا تحصى في أذكار مخصومة من قالها عصم من البلاء ومن الشيطان ومن الضر ومن السم ومن لذعة العقرب ومن أن يصيبه شيء يكرهه*
من قال بعد العصر:لا إله إلا الله *له الحمد* وهو على كل شىء قدير* قاتلن عن قائلهن إلى مثلها من الغد* وعن أبو بكر الصديق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ما صيد صيد ولا عضدت عضاة ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح"*
( عن ابن مسعود قال لأن أسبح تسبيحات أحب إليّ من أن أنفق بعددهن دنانير في سبيل الله وأخرج عنه قال لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أن أتصدق بعددها دنانير. وأخرج عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ من أن أحمل على عدتها من خيل بأرسانها. وأخرج عن ابن عمر قال ذكر الله بالغداة والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله وإعطاء المال سحا. وأخرج عن أبي الدرداء قال لأن أسبح مائة تسبيحة أحب إليّ من أن أتصدق بمائة دينار على المساكين. وأخرج عن معاذ بن جبل قال لو أن رجلين أحدهما يحمل على الجياد في سبيل الله والآخر يذكر الله لكان الذاكر أعظم وأفضل أجرا. وأخرج عنه قال: لأن أذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أحمل على الجياد في سبيل الله. وأخرج عن عبادة بن الصامت مثله. وأخرج عن سلمان الفارسي قال لو بات رجل يعطى القيان البيض وبات آخر يقرأ القرآن أو يذكر الله لرأيت أن ذاكر الله أفضل. وأخرج عن ابن عمرو قال لو أن رجلين أقبل أحدهما من المشرق والآخر مع المغرب مع أحدهما ذهب لا يضع منه شيئا إلا في حق والآخر يذكر الله حتى يلتقيا في طريق كان الذي يذكر الله أفضلهما فهؤلاء سبع صحابة صرحوا بتفضيل الذكر على الصدقة)*قالت حوراء العين لبعض الزهّاد:( قم إلى صلاتك فهي خير لك من نومة توهن بدنك)*. قيل للحسن: ما بال المتعبدين أحسن الناس وجوها؟قال: لأنهم خلو بالجليل فألبسهم نوراً من نوره. وقال يحيى بن أبي كثير: والله ما رجل يخلو بأهله عروساً أقر ما كانت نفسه وآنس، بأشد سروراً منهم بمناجاة ربهم تعالى إذا خلوا به.والذي يتعبد يزدد قوة في الإيمان واليقين والتوكل، وغير ذلك مما هو من جنس ذلك، ويزداد قوة في الأسماع والأبصار والأجساد والأموال والأولاد ،وغير ذلك،لقوله تعالى:" وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ"*وهذه القوة تشمل جميع القوى*فمن غلب علمه هواه فذلك العالم الغلاب*
وفي الحدبث:"أكثروا ذكر الله عز وجل على كل حال فإنه ليس عمل أحب إلى الله تعالى، ولا أنجى لعبد من كل سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله قيل ولا القتال في سبيل الله، قال لولا ذكر الله لم يؤمر بالقتال في سبيل الله ولو اجتمع الناس على ما أمروا به من ذكر الله تعالى ما كتب الله القتال على عباده، فإن ذكر الله تعالى لا يمنعكم من القتال في سبيله بل هو عون لكم على ذلك فقولوا: لا إله إلا الله، والله أكبر وقولوا سبحان الله، والحمد لله، وقولوا تبارك الله فإنهن خمس لا يعدلهن شيء، عليهن فطر الله ملائكته، ومن أجلهن رفع سماءه، ودحا أرضه، وبهن جبل إنسه وجنه، وفرض عليهم فرائضه، ولا يقبل الله ذكره إلا ممن اتقى وطهر قلبه، وأكرموا الله أن يرى منكم ما نهاكم عنه، قالوا يا رسول الله فإن ذكر الله لا يكفينا من الجهاد، قال ولا الجهاد يكفي من ذكر الله، ولا يصلح الجهاد إلا بذكر الله، وإنما الجهاد شعبة من شعب ذكر الله، وطوبى لمن أكثر في الجهاد من ذكر الله، وكل كلمة بسبعين ألف حسنة، كل حسنة بعشر، وعند الله من المزيد ما لا يحصيه غيره، قالوا يا رسول الله والنفقة قال والنفقة على حسب ذلك، قالوا: يا رسول الله إن ذكر الله هو أهون العمل قال إن الله كريم، إنما فرض على الناس أهون العمل، فأبى أكثر الناس إلا كفورا، فلما لم يقبلوا رحمة الله، أمر الله بجهادهم فاشتد ذلك على المؤمنين، وجعل الله لهم العاقبة، وجعل لهم النقمة من الكافرين".(ابن صصري في أماليه عن معاذ). أوحى الله تعالى إلى موسى: إذا دعوتني فكن خائفاً مشفقاً وجلاً، وعفر خدك بالتراب، واسجد لي بمكارم وجهك ويديك، وسلني حين تسألني بخشية من قلبك ووجل، واخشني أيام الحياة، وعلِّم الجهال آلائي، وقل لعبادي: لا يتمادوا في غي ما هم فيه، فإن أخذي أليم شديد.
أخرج ابن منده في التوحيد، عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي، أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين، أحضروا حجتكم ويسروا جوابا، فإنكم مسؤولون محاسبون، يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب".
حرث الآخرة العمل والكسب لأهل الأعمال إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة* فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة* عن علي بن أبي طالب قال:(حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام)* فمن اراد حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة ، عليه أن يكثر ما جاء في الحديث:"
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله، يتعاطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، أو لا يحب أحدكم أن لا يزال عند الرحمن شيء يذكر به". وعن أبي الدرداء قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة" وفي حديث عائشة: " يجئن يوم القيامة مقدمات ومحسنات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات"* وكل شيء من طاعة الله ، وكل ما أريد به وجه الله ، فهو من الباقيات الصالحات *
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال: رأى رجل في المنام، أن مناديا نادى في السماء( أيها الناس خذوا سلاح فزعكم، فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى أن الرجل وما معه عصا، فنادى مناد من السماء ليس هذا سلاح فزعكم، فقال رجل من الأرض ما سلاح فزعنا؟ فقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)*
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أتصدق بعددها دنانير"." عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه} الآية. ثم قال: يقول الله: "ابن آدم تفرغ لعبادتي، أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل، ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك". عن علي - رضي الله عنه - قال: الحرث حرثان، فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة، الباقيات الصالحات*
(وأخرج ابن قانع في معجم الصحابة عن رجاء الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه، وبما مدح الله به نفسه. قلنا: وماذاك يا نبي الله؟ قال (الحمد لله) و (قل هو الله أحد) (الإخلاص) فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله".
((( وأخرج أبو عبيد عن أبي المنهال سيار بن سلامة أن عمر بن الخطاب سقط عليه رجل من المهاجرين، وعمر يتهجد من الليل يقرأ بفاتحة الكتاب لا يزيد عليها، ويكبر، ويسبح، ثم يركع ويسجد. فلما أصبح الرجل ذكر ذلك لعمر فقال عمر: لامك [لأمك؟؟] الويل..!أليست
تلك صلاة الملائكة؟)* للإمام جلال الدين السيوطي-المجلد الأول - سورة الفاتحة - مقدمة سورة الفاتحة))*
ألتقط لك من القرآن الذي أخرس الفصحاء وأفحم البلغاء إذ كانت أسرار القرآن لا يدرك غورها وعجائبه *قال أهل القلوب:
وحضور الذاكر عند نطقه بشيء من الأسماء الإلهية لا بد منه حتى يعرف من يذكر وكيف يذكر ومن يذكر واللّه خير الذاكرين *وأنه يشترط حضور القلب وفراغه من الشواغل الدنيوية والكدورات الجسمانية وإلا فلا يلومنَّ إلا نفسه*وإن حفظت سرّك حفظك الله)*