:)
1- الواو لمطلق الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، خلافا لمن زعم أنها تقتضي الترتيب. ولذا يعطف بها المتأخرُ على المتقدم ، كقوله تعالى: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وإِبْرَاهِيمَ}. [الحديد: 26. وإعرابه: الواو عاطفة (لقد) اللام واقعة في جواب قسم محذوف، أي والله، قد حرف تحقيق(أرسلنا) فعل وفاعل (نوحا) مفعول به لأرسلنا (و) حرف عطف (إبراهيم) معطوف على: نوحتابع له في الإعراب، وإبراهيم متأخر في الزمن عن نوح عليهما السلام].
ويعطف بهاالمتقدم على المتأخر، كقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ}. [الشورى: 3. وإعرابه: (كذلك)الكاف في محل نصب صفة لمحذوف مفعول مطلق، تقديره: إيحاءً مثلَ ذلك الإيحاء، والعامل فيه: الفعل: (يوحي) وهوفعل مضارع (إليك) جار ومجرور متعلقان بيوحي (وإلى الذين)) الواو حرف عطف والجار والمجرور متعلقان بيوحي (من قبلك) من حرف جر، قبل مجرور بمن،والجار والمجرور متعلقان بيوحي المتقدم، قبل مضاف، وضمير المخاطب في محل جر مضافإليه (الله) فاعل يوحي. فقد عطفت الواو وحي الله إلى الذين سبقوا الرسول صلى الله عليه وسلم، على الضمير المكني به عنه، وهو متأخر وأعاد مع المعطوف حرف الجرإلى].
كما يعطف بها المصاحب، مثل قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ}. [العنكبوت: 15. وإعرابه: (أنجيناه) أنجينافعل وفاعل، وضمير الغائب في محل نصب مفعول به لأنجينا (وأصحاب) الواو عاطفة، أصحاب معطوف على المفعول به-الضمير-في أنجيناه، والمعطوف على المنصوب منصوب، أصحاب مضاف،و (السفينة) مضاف إليه، فالمعطوف والمعطوف عليه مشتركان في زمن الإنجاء لم يتقدم أحدهما على الآخر، كما تقول وصل علي وعثمان في الساعة السادسة].
وإلى ذلك أشارابن مالك في الخلاصة:
واعْطِفْ بِواوٍ سَابِقًا أَوْ لاَحِقَا فِي الْحُكْمِ أَوْ مُصَاحِبًا مُوافِقَاوتمتاز الواو عن بقية حروف العطف، بأنها تعطف اسماعلى اسمٍ لا يَكْتَفِي الكلامُ به، مثل: اختصم زيد وعمر. فلو قلت: اختصم زيد لم يتم الكلام، لأن الاختصام لا يتم إلا بين اثنين فأكثر، وبعطف عمرو على زيد تم الكلام،ولا يصح ذلك في بقية حروف العطف، فلا تقول: اختصم زيد فعمر، أو ثم عمرو..
وإلى هذا أشار ابن مالك في الخلاصة، بقوله:
واخْصُصْ بِهَا عَطْفَ الَّذِي لا يغني مَتْبُوعُهُ كَاصْطَفَّ هَذَا وابْنِي2- الفاء للترتيب والتعقيب.أي إنالمعطوف بها يأتي ترتيبه بعد المعطوف دون تراخ (أي دون مهلة).
مثل قوله تعالى: {أماته فأقبره}. [عبس: 21. وإعرابه: (أماته) أمات فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا، تقديره: هو، وضمير الغائب في محل نصب مفعول به لأمات (فأقبره) الفاء حرف عطف وترتيب وتعقيب، أقبر فعل ماض معطوف على أمات، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا، تقديره: هو، وضمير الغائب في محل نصب مفعول به لأقبر] ومعلوم أن الإقبار يأتي عقب الإماتة.
3- ثم للترتيب والتراخي.يعني أن المعطوف بثم يأتي ترتيبه بعد المعطوف مع التراخي.
كقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}. [المؤمنون: 15، 16. وإعرابه: (ثم) حرف عطف وترتيب وتراخ،والمعطوف عليه ما سبق الآية من الجمل المشتملة على أطوار خلق الإنسان، آخرها قوله: (ثم أنشأناه خلقا آخر..) (إنكم) إن حرف توكيد ونصب، وضمير المخاطب في محل نصب اسمإن (بعد) ظرف زمان منصوب على الظرفية، والعامل فيه: ميتون، بعد مضاف واسم الإشارةفي محل جر مضاف إليه، (لميتون) اللام للابتداء مؤكدة، ميتون خبر إن (ثم) حرف عطفوترتيب وتراخ (إنكم) سبق إعرابه (يوم) منصوب على الظرفية، والعامل فيه (تبعثون) يوممضاف والقيامة مضاف إليه (تبعثون) فعل مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعل،والجملة في محل رفع خبر إن] ومعلوم أن البعث متراخ بعد الموت.
وقد أشار ابن مالك إلى معنى كل من الفاء وثم، بقوله:
والْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِاتِّصَالِ وثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ بِانْفِصَالِ4- حتى للغاية.ويشترط للعطف بهاثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون المعطوف بها اسما ظاهرا، فلا يعطف بها الفع لولا الضمير. [فلا يقال: أكرمت العالم حتى جعلت نفسي له حارسا. خلافا لمن زعم جوازذلك، كما لا يقال: نجح الطلاب حتى أنا].
الشرط الثاني: أن يكون المعطوف بعضا منالمعطوف عليه.
ومن أمثلة ذلك: أكلت السمكة حتى رأسَها. بنصب رأس. [وإعرابه: (أكلت) فعل وفاعل (السمكة) مفعول به (حتى) حرف غاية وعطف (رأسها) رأس معطوف علىالسمكة، والمعطوف على المنصوب منصوب، رأس مضاف، والضمير في محل جر مضافإليه].
الشرط الثالث: أن يكون المعطوف بها غاية في زيادة، مثل: يعطي حاتمالأعداد الكثيرة حتى الألوف. [وإعرابه: (يعطي حاتم) فعل وفاعل (الأعداد) مفعول به (الكثيرة) نعت للأعداد (حتى) حرف غاية وعطف (الألوف) معطوف بحتى على الأعدادوالمعطوف على المنصوب منصوب] أو غاية في نقص، مثل أذل العربَ الناسُ حتى اليهودُ. [وإعرابه: (أذل) فعل ماض (العرب) مفعول به مقدم (الناس) فاعل مؤخر (حتى) حرف غاية وعطف اليهود معطوف على الناس، والمعطوف على المرفوع مرفوع]. وإلى العطف بحتى وشروط العطف بها أشار ابن مالك في الخلاصة، بقوله:
بَعْضًا بِحَتَّى اعْطِفْ عَلَى كُلٍّ ولاَ يَكُونُ إِلاّ غَايَةَ الَّذِي تَلاَ