:)
قال الله تعالى
" إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال
فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً} ،
وقد أمرنا الله بأداء الأمانات، فقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" .
والأمانة ذكرت في القرآن على ثلاثة معان الأول :أن الفرائض التي فرضها الله على عباده أمانة ، ومنه قوله تعالى: " لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم " أي لا تضيعوا ما فرضه الله عليكم من فرائض ، قال ابن عباس رضي الله عنهما:( لا تخونوا الله بترك فرائضه، والرسول بترك سنته) يُفهم من ذلك قوله تعالى: { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال } والمراد هنا بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما .
والثاني: وردت الأمانة بمعنى الوديعة يقول تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } فالآية تشير إلى كل ما يؤتمن عليه الإنسان من وديعة ورهن ، كما يقول تعالى { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون }
أي: إذا اؤتمنوا على شيء لم يخونوا بل يؤدونه .
والمعنى الثالث الذي وردت به الأمانة في القرآن : العفة وذلك في قوله تعالى
{ إن خير من استأجرت القوي الأمين } أي القوي في بدنه والأمين في عفافه.
لقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل المسجد الحرام وطاف حول الكعبة، وبعد أن انتهى من طوافه دعا عثمان بن طلحة "حامل مفتاح الكعبة" فأخذ منه المفتاح، وتم فتح الكعبة، فدخلها النبي صلى الله عليه وسلم ثم جلس في المسجد فقام على بن أبي طالب وقال: يا رسول الله، اجعل لنا الحجابة مع السقاية.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أين عثمان بن طلحة؟) فجاءوا به، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء .
ونزل في هذا قول الله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" هكذا نرى كيف رفض النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء المفتاح لعلي ليقوم بخدمة الحجيج وسقايتهم، وأعطاه عثمان بن طلحة امتثالا لأمر الله برد الأمانات إلى أهلها.
الأمانة أيضاً تكون في حفظ الجوارح فعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله سبحانه وتعالى ،فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنبها سماع الحرام واليد أمانة والرجل أمانة والفرج أمانة ، وليست في حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي.
كان المشركون يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم وقد عُرف النبي بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين، وحينما هاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده.
و الأمانة ضرورة في العمل بحيث يؤدى المسلم ما عليه على أحسن وجه فعلى العامل أن يتقن عمله
ويؤديه بإجادة وأمانة وكذلك الطالب وكل امرئٍ يؤدى واجبه بجد واجتهاد.
حتى في الكلمة التي تصدر منه فعلى المسلم أن يلتزم بالكلمة الجادة ويعرف قدر الكلمة وأهميتها ، فالكلمة قد تكون سبباً في دخول صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى كما قال الله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} ، وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، وذلك في قوله تعالى :{ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}.
والمسئولية في حد ذاتها هي أمانة ، وكل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكما أم والدا أم ابنا، وسواء كان رجلا أم امرأة فهو راعٍ ومسئول عن رعيته، يقول النبي في الحديث الشريف :"ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
وقد بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم-أن خائن الأمانة سوف يعذب بسببها في النار، وستكون عليه خزيا وندامة يوم القيامة وسيأتي مذلولا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة)
ويا له من عار وسط الخلائق ، يجعلنا حريصين على أن نؤدي الأمانة وألا نغدر بأحد،
فالأمانة من علامات الإيمان .
منقول