:D
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم
ورود اسم الخبير في الكتاب و السنة : ورد اسم
الخبير في أربعين آية من كتاب الله
في القرآن الكريم :ورد الخبير مقترناً بثلاثة أسماء ،
مقترنا مع اسم الحكيم في قوله تعالى :
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ
الْخَبِيرُ (18) ﴾( سورة الأنعام )
ومقترناً مع اسم اللطيف :
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ (103) ﴾ ( سورة الأنعام )
ومقترناً مع اسم العليم في قوله تعالى :
﴿ نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ
الْخَبِيرُ (3) ﴾( سورة التحريم)
إذاً الحكيم الخبير ، اللطيف الخبير ، العليم الخبير ،
أما في السنة: ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : قال :
لَتُخْبرِيني أو لَيُخْبِرنِّي اللطيف الخبير .
تعريف الخبير :
أيها الأخوة ، الخبير في اللغة على وزن فعيل ، هذا الوزن يدل على المبالغة ،
إذاً الخبير من صيغ المبالغة
فعله خَبَرَ يَخبُر خُبرَاً ، وخبرت بالأمر أي علمته ، هناك من أعلمني به ،
وخبرته أي عرفته على حقيقته بالعمق ، بالخلفيات ، بالبواعث ،
فالخبير هو الذي يخبر الشيء بعلمه لكن الخبرة أبلغ من العلم لأنها علم وزيادة ،
فالخبير بالشيء من علمه وقام بمعالجته وبيّن خصائصه وجربه
وامتحنه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألمّ بخصائصه اللصيقة ووصفه على حقيقته ، فالعلم نظري والخبرة عملية .
فالخبير يفيد معنى العليم ، ولكن العليم لا يفيد معنى الخبير ، لذلك اسم الخبير هو عليم ومع العلم شيء آخر ،
وهناك آية في القرآن الكريم ورد فيها اسم الخبير ،
من معاني الخبير :
، الخبير هو الله عز وجل :﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ ( سورة فاطر الآية : 14) .
من معاني الخبير الذي على وزن فعيل بمعنى مفعل يعني خبير بمعنى مخبر :
1 ـ الله متكلم والقرآن كلامه :إذاً الله عز وجل يخبرنا : الله متكلم والقرآن كلامه ، من معاني الخبير أنه متكلم والقرآن كلامه .
2 ـ هو العالم بكل شيء :المعنى الآخر للخبير هو الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه صغيرة ولا كبيرة ، وهو العالم بكل كل شيء ، مطلع على حقيقة كل شيء مهما دقت أو خفيت ، عليم بدقائق الأمور لا تخفى عليه خافية ،
يعلم الداء والدواء ، يعلم الظاهر والباطن ، يعلم الشكل والمضمون ، يعلم جلائل الأمور ودقائقها ، يعلم ما يرى
بالعين وما لا يرى ، يمسك كأس ماء صافٍ في مليارات البكتريات لو وضعته تحت ميكروسكوب ما تمكنت
أن تشربه ، يعلم ما يرى وما لا يرى ، يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : الخبير هو الذي لا تغرب
عنه الأخبار الباطنة و لا يجري في الملك والملكوت شيء إلا بعلمه ولا تتحرك ذرة ولا تسكن إلا
بعلمه ولا تضطرب نفس ولا تطمأن إلا بعلمه . 3 ـ هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء :وقيل الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .
أيها الأخوة ، هذا كله شرح دققوا وكأنه شرح لاسم العليم داخل الأمر يا ترى عليم أم خبير ؟
الجواب لا الخبير ، كل خبير عليم لكن ما كل عليم بخبير ، الخبير علم وزيادة الخبير
يفيد معنى العليم ولكن العليم لا يفيد معنى الخبير .اسم الخبير لو تعمقنا فيه لعددنا للمليون قبل أن نعصيه : لذلك : (( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) .[ متفق عليه عن أبي هريرة]
العد شيء والإحصاء شيء آخر ، يمكن أن تعد الطلاب عدّاً أما الإحصاء أن يتعرف على كل طالب ؛
بيئته ، بيته ، والديه ، مستوى ثقافته ، طباعه ، طريقة تفكيره ، تفوقه ، الخبرة أعمق من العلم ،
الله عز وجل عليم وخبير ، يعني كطرفة شخص جالس في بيته معه زوجه وأولاده
طرق الباب جاءت صديقة زوجته والوقت شتاء غرفة الجلوس دافئة وغرفة
الضيوف باردة صاح بزوجته ائت بصديقتك إلى هنا ؛ هنا أدفأ لكم ،
يا ترى القصد أن هذه الغرفة أكثر دفئاً فقط أم أنه أراد أن يرى
صديقة زوجته ؟ ما شكلها ؟ ما قوامها مثلاً ؟ من يعلم هذا ؟
الخبير ، كلامك رائع هنا أدفأ
لكم لكن هي غير محجبة وأنت مسلم لماذا تدعوها
إلى أن تجلس معك في الغرفة ؟
مثلاً طبيب يعالج مريضة له الحق أن يرى
موضع الألم فاختلس نظرة إلى مكان آخر لا يحق له
هل في الأرض كلها جهة تستطيع أن تضبط هذه المخالفة ؟ إلا الله :
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ .( سورة غافر )
جالس في بيتك والغرفة مظلمة وفي أمامك بناء آخر في له شرفة خرجت الجارة بثياب مبتذلة
لك أن تملأ عينيك من محاسنها ولك أن تغض البصر ولا يعلم أحد في الأرض إلا الله ، خبير .
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ .( سورة غافر )
لذلك أيها الأخوة ، اسم الخبير لو تعمقنا فيه لعددنا للمليون قبل أن نعصيه .الإمام الغزالي رحمه الله تعالى تكلم عن حظ العبد من اسم الخبير فقال : يجب أن يكون العبد خبيراً بأحواله وبإيمانه وخبيراً بمشاعره وأحوال قلبه
والخفايا التي يتصف بها قلبه وخبيراً بإخلاصه واستقامته، فأقرب شيء منك جسمك ونفسك ،
فلا بد أن تكون خبيرًا بقلبك ؛ هذه الخواطر التي تأتيك أمِن قلبك أم من نفسك أم من الشيطان ؟
وهل هي وساوس أم إلهامات ؟ وهل هذا العمل باعثه الإخلاص أم الرياء ؟
ينبغي أن تكون خبيراً بأحوالك ونفسك وقلبك ، وكسبِك للمال وإنفاقِه
فاسم الخبير يقتضي أن تكون خبيراً بما أنت عليه لأن أول حركة لمعرفة أيّ مشكلة ،
هي أن تعرفها أنها مشكلة ثم تحددها إذْ إنك لاتترك عملا إلا إذا علمت أنه ذنب فقبل أن تترك الذنوب
ينبغي أن تعلم ما الذنوب؟ فأول خطوة نحو إصلاح النفس أن تعرفها وتعرف حقيقتها وألّا تنخدع بها .
لازلنا مع الإمام الغزالي في الحديث عن حظ العبد مع اسم الخبير قال :
يجب أن يكون العبد خبيراً بما يجري في عالمه ، وعالمُه هو قلبه وبدنه والخفايا التي يتصف
بها القلب من الغش والخيانة والتطوٌاف حول العاجلة وإضمار الشر وإظهار الخير والتجمل بإظهار
الإخلاص مع الإفلاس ، ولا يعرف ذلك إلا صاحب خبرة بالغة قد خبِر نفسه ومارسها وعرف مكرها
وتلبيسها فحاذرها وتشمر لمعاداتها ، فذلك العبد جدير بأن يسمى بين العباد خبيرًا ، لذلك من عرف أن الله خبير كان بزمام التقوى مشدوداً وعن طريق المنى مصدوداً ، وقال أحدهم : من أراد عِزاً بلا عشيرة وهيبةً بلا سلطان وغنىً بلا فقر
فليخرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، وقال بعض العلماء : لا يَنال الحظ الأوفر من هذا
الاسم الشريف "الخبير" إلا من كان خبيراً بدسائس نفسه بصيراً بخدائع حسه ،
يعرف الفرق بين خطرات الشيطان وإلهامات المَلَك بصيراً بإلهامات الرحمن ووساوس الشيطان ، وبعض العلماء
لهم دعاء يتعلق باسم الخبير ، يقول هذا العالم الجليل : إلهي أنت الخبير بالدقائق والبصائر
والمطَّلِع على السرائر والناظر إلى الضمائر تجلَّ لي بنور اسمك الخبير بلا حول مني ولا تدبير ،
حتى أكون خبيراً بالأمور الغائبة عن الجهال وأنجو من الشرك الخفي وما هو أخفى في
الأقوال والأعمال ، ويتجلى لي مولاي الخبير نِعْم المولى ونِعْم النصير ،
أيها القارئ الكريم : هذا الاسم له تطبيقان أساسيان:
-الأول : أن تعلم أنك مكشوف أمام الله ، لا تخفى على الله منك خافية .
-الثاني : أن تكون أنت خبيراً بأحوالك وخواطرك وقلبك وإيمانك ووساوسك وإلهامات الملائكة،
فأنت خبير، وأن تعلم أنه خبير عندئذ تتحق لك الفائدة من هذا الاسم الجليلوالحمد لله رب العالمين