ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم :عدم وسوستهم في الوضوء والصلاة ، وفي القراءة فيها ، وغير ذلك من العبادات مع مبالغة أحدهم في الورع إلى الغاية ، وذلك لأن حصول أصل الوسوسة إنما هو من ظلمة القلب وظلمة القلب من ظلمة الأعمال وظلمة الأعمال من أكل الحرام والشبهات ، فمن أحكم أكل الحلال فليس لإبليس عليه سبيل مطلقا
وقد أكل قوم من أطعمة الظلمة و المكَّاسين والقضاة والمباشرين ومن يبيع عليهم من التجار وغيرهم ، وطلبوا الحضور مع الله والخشوع في عبادتهم ومعرفة ما فعلوه منها مما تركوه فلم يصح لهم ذلك ، وكان غاية ما حصَّله أحدهم العناء والتعب والقفز في الهواء حال النية في الصلاة كأنه يصطاد شيئا تفلَّت من يده وتراه إذا كبر يقول : اك . . اك . . اك ، بار بار بار ، وإذا أراد يقرأ يقول : بس بس بس ال ال ال هي ، وإذا أراد يتشهد يقول : أت أت أت حيات ، وإذا سلم يقول :
اس اس اس ونحو ذلك كما هو مشاهد من أحوالهم . وقد أفتى بعض العلماء ببطلان الصلاة بذلك وقال : إنه ليس بقرآن ولا ذكر ، وإنما هو كلام أجنبي من كلام الآدميين قاله صاحبه على وجه العمد لا السهو
وقد كان شيخنا سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى يقول :إن أحق ما ينسم به هؤلاء الموسوسون أن يقال لهم : ( مبتدعة ) ؟ لا فقهاء ، وذلك لأن أحدهم ربما يتوهم بطلان عبادة الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، وأنت لو قلت لأحد منهم ( توضأ كما بلغك من وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وضوء أصحابه رضي الله عنهم ) ربما أنه لا يرضى بذلك ، ولا يعتقد صحته نسأل الله العافية . وهذا هو الضلال المبين ، وقد بسطنا الكلام على ذلك في الباب الخامس عشر من كتابنا ( المنن الكبرى) فراجعه إن أردت ذلك ،
والحمد لله رب العالمين