ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم : حسن خُلُقهم مع جفاة الطباع تخلقا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملا بقوله(( وَخالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ))
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إن الرجل ليكون فيه تسعة أخلاق حسنة وواحد سيء فيغلب ذلك الواحد التسعة ، فاتقوا عثرات اللسان
وكان بشر بن عمر رحمه الله تعالى يقول : ليس لسيء الخلق إلا الهُجرَان
وكال وهب بن منبه رحمه الله تعالى يقول : مثل سيء الخلق مثل الفُخَّارة المكسورة لا ينتفع بها ولا تعاد طينا
وقد كان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول : أول مَن يجني على سيء الخلق سوء خلقه ، فإنه يعذب نفس صاحبه كما هو مشاهد ، وقد سئل مرة عن حسن الخلق المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم : (( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَن )) . فقال : هو السخاء والعفو و الاحتمال
وقد سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن ذلك أيضا فقال : هو موافقة الناس في كل شيء ما عدا المعاصي ، وكان يقول : من كثر همه سقُم بدنه ، ومن قل ورعه مات قلبه
وكان أبو حازم رحمه الله يقول : إن من سوء خلق الرجل أن يدخل على أهله وهم في سرور يضحكون فيتفرقون ، خوفاً منه . ومن سوء خلقه أيضا هروب الهرة منه وصعود كلبه الحائط خوفا منه
وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول : من خطب امرأة وهو يعلم من نفسه سوء الخلق فليعلمها بذلك ، وإلاَّ غَشَّها
وسيأتي بسط ذلك مفرقا في هذا الكتاب فإنه كله محاسِنُ أخلاق ، فلا يصحُّ لأحد التقليد بحسن الخلق إلا إن تخلق بها جميعا وذلك عزيز جدا ،ولا يخرج من الغشّ إلاَّ إن اتهم نفسه بسوء الخلق ثم إنه يقبح على من زعم أنه من الدعاة إلى الله أن يكون خلقه سيئا يخاف الناس من شره كما أنه يقبح على جماعته ، فقد قالوا : من علامة المنافق أن يتركه الناس اتقاء فُحشه ، وفي الحديث مرفوعا : « شَرُّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اِتِّقَاءَ فُحْشِهِ »
فاعلم ذلك وإياك وسوء الخلق
والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب تنبيه المغترين للشعراني