ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم : أنهم لا يتخذون من الإخوان إلاَّ من علموا من نفوسهم الوفاء بحقه ، فإن أخاك إذا لم توف بحقه كان فارغ القلب منك
وقد كان المغيرة بن شعبة رحمه الله تعالى يقول : أعطوا أولادكم ما سألوا بالمعروف ، ولا تكونوا أقفالاً عليهم فيتمنوا موتكم ويملوا من حياتكم
وكان أمير المؤمنين عليَّ رضي الله عنه يقول : عليكم بالإخوان فإنهم عدة الدنيا والآخرة ، ألا تسمعون إلى قول أهل النار
(( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم )) وفي الحديث : { ما أحدثَ عبدٌ إخاءً في الله إلاَّ أحدثَ الله لهُ درجةً في الجنة ))
وكان المهلب بن أبي صفرة رحمه الله تعالى يقول : الصَّديق أعزُّ من الس الصارم في يده وفي لفظ : في كف الرجل - فإن المودة لا تحتاج إلى قرابة ، والقرابة تحتاج إلى المودة ومن حق الأخ الصادق أن لا تفرط في كثرة سؤاله من حوائجه ، وتقول : ما بيني وبينه شيء ، ماله مالي ؛ ومالي ماله ؛ كما يقع فيه كثير من الجهلة إذ من شأن البشر الشح وخوف الفقر إلا من شاء الله ؛ وتأمل في العجلbولد البقرة إذا أكثر من مصِّ بزِّ أمه حتى أجهدها كيف تنطحه و ترفسه !..
وقد كان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول : لولا محادثة الإخوان في هذه الدار والتهجد في الأسحار ، ما أحببت البقاء بها
وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول : لا تصاحب في السفر من هو أوسع منك في الدنيا ؛ فإنك إن ساويته أضر بحالك ، وإن قطعت عنه استذلك بين الناس
وكان سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : إذا صادقت غنيا فاحذر من سؤاله ، إن طلبت حفظ مقامك عنده فإن المسألة كدوح في وجه السائل ،
ومن ردَّ ما أعطي له كبر في قلب المعطي قهرا عليه
وقد كان المهلب بن أبي صفرة رحمه الله تعالى يقول : ينبغي للعاقل أن يجتنب مؤاخاة ثلاثة : الأحمق ، والكذاب ، والفاجر ؛ فأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف سوء ، وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه ، وأما الكذاب فلا منا لك معه عيش ، وينقل خبرك إلى غيرك ويغري بينك وبين الناس
العداوة والبغضاء ، وأما الفاجر فيزين لك فعاله ولا يعينك على شيء من أمور دينك
وكان إبراهيم بن زيد العدوى رحمه الله يقول : أربعة تفرح القلب : التهجد في السحر ، والزوجة الجميلة الصالحة ،
والكفاف من الرزق ، والأخ المؤمن
فاعلم ذلك يا أخي ؛ وفتش نفسك ، وانظر هل وفيت بحقوق إخوانك وهل تعففت عن سؤالهم بالحال ؛ أو بالمقال أو بالتعريض ؛ وهل تحبهم لله تعالى ، أو لفرض نفساني ؟ فإن كل ما لم يكن لله فهو وبال على العبد في الدنيا والآخرة ،
فطالب نفسك يا أخي بحقوق الإخوان ولا تطالبهم بحقك ؛ لا ظاهرا ولا باطنا
وقد أنشد إمامنا الشافعي رضي الله عنه قوله :
صديــــقٌ ليس ينفع يوم باسٍ.... قريبٌ من عدوٍ في القيـاس
ولا يبغي الصديق بكلِّ عصــرٍ .... ولا الإخوان إلاَّ للتأســــي
غمرت الناس ملتمساً بجهدي .... أخاً ثقةٍ فأكداه التماســي
تنكرت البـــــلاد عليَّ حتـى ... كأنَّ أُناسها ليسوا بنـاس
وكان رضي الله عنه كثيراً ما ينشد :
وليس كثيراً ألفُ خلِّ لواحدِ .... وإنَّ عدواً واحــــداً لــكثيــرٌ
وأنشدني شيخنا شيخ الإسلام زكريا رحمه الله قوله:
صادقُ الصديقِ وكافُ الكيمياء معاً..لا يوجدانِ فدعْ عن نفسكَ الطَّمعى
فاعلم ذلك يا أخي ، وانتبه لنفسك ،
والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب تنبيه المغترين للشعراني