تعريف التجويد:
التجويد لغةً: التّحسينُ، تقول العرب هذا شيء جيّد، أي هذا شيء حسن، جوّد الشيء أي حسّنه.
اصطلاحًا: إخراج كل حرف من مَخرجه مع إعطائه حقه ومستحقه.
وحق الحرف: هو الصفة الذاتية الملازمة له التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال كالشدة والرخاوة.
ومستحقه: هو الصفة الناتجة عن صفة أخرى، كالتفخيم: ناتجٌ عن الاستعلاء، والترقيق: ناتجٌ عن الاستفال.
***
حكم التجويد:
تعلمه فرض كفاية، أي: إذا قام به من يكفي، سقط عن الباقين، أما العمل به فهو فرض عين، يقول الإمام ابن الجزري في النشر: "ولاشك أن الأمة كما هم متعبَّدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده متعبَّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها.
ولذلك يقول الناظم رحمه الله:
وَ الأَخْذُ بِالـتَّجْوِيدِ حَتْـمٌ لاَزِمُ مَنْ لَـمْ يُصَـحِّحِ الْقُرَانَ آثِـمُ
لأَنَّـهُ بِــهِ الإِلَـهُ أَنْـزَلاَ وَهَـكَذَا مِنْـهُ إِلَيْـنَا وَصَـلاَ
وَهُـوَ أَيْضاً حِــلْيَةُ التِّـلاَوَةِ وَزِيـنَـةُ الأَدَاءِ وَالْـقِـرَاءَةِ
وَهُوَ:إِعْـطَاءُ الْحُـرُوفِ حَقَّـهَا مِـنْ كُـلِّ صِفَـةٍ وَمُسْـتَحَقَّهَا
وَرَدُّ كُـلِّ وَاحِـدٍ لأَصْـلِـهِ وَاللَّـفْظُ فِـي نَظِيـرِهِ كَمِـثْلِهِ
ومعنى: (رَدّ كُلِّ وَاحِدٍ لأَصْلِهِ) أي إخراج كل حرف من مخرجه .
ومعنى (وَاللَّفْظُ فِي نَظِيرِهِ كَمِثْلِهِ) أي اجعل النظير كنظيره لتكون القراءة على نسق واحد، فمثلاً إذا جعلنا المد المنفصل حركتين فإننا نقرأ كل مواضعه حركتين في المجلس الواحد، وإن قرأناه أربعاً فكذلك، ولا يجوز أن يكون بالقصر في موضع وبالتوسط في موضع آخر .
***
التكلف في التجويد:
وينبغي على القارئ أن يقرأ القرآن الكريم بدون تكلف ولا تعسف، أي يقرأه بسهولة ويسر وبلُطف.
والتكلف ينقسم إلى قسمين: 1- محمود. 2- مذموم.
فالْمَحمود: هو أن تحاول تقويم لسانِك حتى تنهض بنفسك لتقرأ قراءة صحيحة من غير تكلف، وقد يأتي التكلف في بداية التعلّم، ويزول عند تحسُّنِ القراءة.
والمذموم: هو التشدُّق بالقراءة فتتقزز منه الأذن.
والنطق السليم يأتي بالتدرب على هذا؛ ولذلك يقول الإمام ابن الجزريِّ رحمه الله:
مُكَمَِّـلاً مِنْ غَيْـرِ مَا تَكَـلُّفِ بِاللُّـطْفِ فِـي النُّطْقِ بِلاَ تَعَسُّفِ
ولا يتوهمِ القارئ أن التجويد هو المدّ المفرط، أو مطّ الحروف، أو النطق بالحرف كالسّكران، ويكفينا في ذلك ما ذكره العلامة السّخاوي رحمه الله، (ت643هـ) في مطلع قصيدته المسمَّاة: (عمدة المفيد وعُدّةُ الْمُجِيد في معرفة التّجويد):
يَا مَـنْ يَـرُومُ تِلاَوَةَ الْقُـرْآنِ وَ يَرُودُ شَـأْوَ أَئِـمَّةِ الإِتْقَانِ
لاَ تَحْسَبِ التَّجْوِيدَ مَـداًّ مُفْرِطاً أَوْ مَـدَّ مَـا لاَ مَدَّ فِيهِ لِـوَانِ
أَوْ أَنْ تُـشَدِّدَ بَـعْدَ مَدٍّ هَـمْزَةً أَوْ أَنْ تَـلُوكَ الْحَرْفَ كَالسَّكْرَانِ
أَوْ أَنْ تَفُـوهَ بِـهَمْزَةٍ مُتَهَـوِّعاً فَيَـفِرَّ سَـامِعُهَا مِـنَ الْغَثَـيَانِ
لِلْحَرْفِ مِيزَانٌ فَلاَ تَـكُ طَاغِـياً فِـيه > وَلاَ تَـكُ مُخْسِرَ الْمِيزَانِ
قال الناظم :
وَلَيْـسَ بَيْـنَهُ وَ بَـيْنَ تَرْكِــهِ إِلاَّ رِيَـاضَةُ امْرِئٍ بِفَكِّــهِ
أي ينبغي عليك أن تتريض على النطق الصحيح بكثرة التمرينات على ذلك، ومثل ذلك مثل من يلعب رياضة معينة مثل رياضة كمال الأجسام، فإنه يتمرن على تربية عضلاته بكثرة حمل الأثقال حتى تبنى عضلاته، فالقرآن أولى بذلك.