:)
غرائب وعجائب الحيل
حسن التدبير دخل لصوص بيتاً فلما ظفروا بصاحبه أوقفوه للقتل أو أخذ ما في
البيت ( يعني خيروه يا نسرق يا نقتلك ) فرضي بما في البيت لهم ،
فحلفوه ألا يعلم بهم أحداً ( يعني قالوا له ولح تتكلم ببنت شفة
والا رأسك يطير ) ففعل ، فلما أصبح وجدهم يبيعون متاعه ولا يقدر
أن يتكلم ، فجاء إلى أبي حنيفة فأعلمه بحاله فقال :
أحضر أكابر حيك وأَدنِ جيرانك وإمام جماعتك ، فلما حضروا قال لهم
أبو حنيفة : هل تحبون أن يرد الله على هذا الرجل متاعه؟ قالوا :
نعم ، فقال : اجمعوا اللصوص فيكم فأدخلوهم المسجد ثم أخرجوهم
واحداً واحداً واحداً ، وكلما خرج منهم واحد قولوا : هذا لصك فإن
كان ليس بلصه قال : لا ، وإن كان لصه فليسكت واقبضوا عليه ،
ففعلوا ذلك فرد الله عليه ما سرق..
رجل لُقن حجته حدّث رجل من أهل الرقة عن عبد الملك بن عمرة قال : أخذ زياد
رجلاً من الخوارج فأفلت منه فأخذ أخاً له فقال : إن جئت بأخيك
عفوت عنك وإلا ضربت عنقك ، قال : أرأيت إن جئت بكتاب من أمير
المؤمنين أتخلي سبيلي ؟ قال : نعم.
قال : أنا آتيك بكتاب من العزيز الرحيم وأقيم عليه شاهدين :
إبراهيم وموسى عليهما السلام : (( أم لم ينبأ بما في صحف موسى *
وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى )) .
فقال زياد : خلوا سبيله ، هذا رجل لُقن حجته .
الشافعي والمعتزلة حكي عن الشافعي أنه لما سأله بعض المعتزلة بحضرة المأمون ، ما
يقول في القرآن؟ قال الشافعي : إياي تعني ؟ قال : نعم ، قال :
مخلوق .فرضي خصمه منه بذلك ، ولم يرد الشافعي إلا نفسه.
المرتعش حدث أبو الحسن بن عباس القاضي قال : رأيت صديقاً على زوارق الجسر
ببغداد جالساً في يوم شديد الريح ، وهو يكتب رقعة ، فقلت : ويحك
في هذا الموضع وهذا الوقت ! قال : أريد أن أزور على رجل مرتعش
ويدي لا تساعدني ، فعمدت الجلوس هاهنا لتحرك الزورق بالموج في
هذه الريح فيجيء خطي مرتعشاً فيشبه خطه.
احتال ليتشبب بشعره عن عمرو بن أبي عمرو قال : بلغني أن الحسن بن زيد دعا بابن
المولى الشاعر الظريف العفيف ، فاغلظ له وقال :
أتشبب بحرم المسلمين وتنشد ذلك في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم وفي الأسواق والمحافل ظاهراً ، فحلف له أنه ما تعرض لمحرَّم
قطّ ، ولا تشبّب بامرأة مسلم ولا معاهد أو ذمّي قط.
قال : فمن ليلى هذه التي تقول فيها :
وأبكي فلا ليلى بكتْ من صبابةٍ *** إليّ ولا ليلى لذي الودّ تبذل فقال له : امرأتي طالق إن كانت إلاّ قوسي هذه ، سميتها ليلى
لأذكرها في شعري ، فإن الشعر لا يحسن إلا بالتشبيب.
فضحك الحسن ثم قال : إذا كانت القصّة هذه فقل ما شئت.
الإسكندر ومعلمه يحكى أن الإسكندر ما كان يدخل مدينة عنوة إلا هدمها وقتل من فيها
، فدخل مدينة فيها مؤدّب له (يقول ابو درهم : يعني كان معلمه منذ
صغره وله الفضل عليه ) فلما رآه عظمه وأكرمه وأكبره ثم قال : ما
جاء بك؟ فقال : أيها الملك إن أحق من أعانك على أمرك لأنا ، وإن
أهل هذه المدينة أبو طاعتك وطمعوا فيك لمنزلتي عندك ، وأحب أن لا
تشفعني فيهم وأن تخالفني في كل ما أسألك فيه من أمرهم ، فلما سمع
الإسكندر مقالته ظن أنها نصحٌ له وأن غرض المعلم وافق غرضه فسّر
به ، فلما رأى المعلم سرور الإسكندر طلب منه العهد على ذلك ،
فعاهده ، فلما استوثق منه قال : أيها الملك إني أرى من الرأي أن
تهدم هذه المدينة وتقتل أهلها ، فقال الإسكندر : لا سبيل إلى ذلك
ولابد من مخالفتك لمكان عهدي معك ، ثم ارتحل عنها.
أقرّ بالدنانير استودع رجل رجلاً كيساً فيه دنانير وطالت غيبته ، فشقّ المستودع
الكيس من أسفله وأخذ الدنانير وجعل مكانها دراهم وخيطه والخاتم
على حاله ، فجاء الرجل بعد ستِّ عشرة سنة فقال : مالي ، وطَالَبَ
به ، فأعطاه الكيس بخاتمه ، فنظر إليه وإذا ماله دراهم ، فأحضره
مجلس إياس ، فقال إياس للطالب : ماذا تقول؟ قال : أعطيته كيساً
فيه دنانير ، فقال : منذ كم؟ قال : منذ ست عشرة سنة ، قال :
فُضّا الخاتم ، فَفَضَّاه ، فقال : انثرا ما فيه ، فنثراه ، فإذا
هي دراهم بعضها من ضرب عشر سنين وأقل
فأقر بالدنانير وألزمه إيّاها حتى خرج منها.
إن الدراهم في المواطن كلها *&* تكسو الرجال مهابةً وجمالا
فهي اللسانُ لمن أراد فصاحةً *&* وهي السلاح لمن أرادَ قِتالا منقول