تعريف صفة الحرف:
الصفة لغةً: ما قام بالشيء من المعاني الحسية والمعنوية ، فالحسية كالبياض والطول والمعنوية كالعِلْم.
واصطلاحاً: كيفية عارضة للحرف عند حدوثه في المخرج.
والصفة بمثابة المحَكِّ والمعيار، فمثلاً: للذهب أعْيِرة مختلفة 24، 21، 18، 14،... فأعلاها عياراً: (24) وهو الذهب الخالص، وأقل منه عياراً : (21)، وهكذا. فإذا جاء القارئ بالصفات كلها كان عيار قراءته (24)، أي: قراءته ممتازة، وإذا أتى ببعضها نقص عيار قراءته بحسب مالم يأت به من صفات.
أقسام صفات الحروف:
والصفات عددها سبع عشرة صفة، وتنقسم إلى قسمين:
الأول: صفات لها ضد، وهي خمس وضدها خمس، فتكون عشراً.
الثاني: صفات لا ضد لها، وعددها سبع صفات.
القسم الأول: الصفات التي لها ضد:
قال الناظم رحمه الله:
صِفَاتُهَا: جَـهْرٌ وَ رِخْـوٌ مُسْتَفِلْ مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَـةٌ ، وَالضِّـدَّ قُـلْ
مَهْمُـوسُهَا: فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ شَدِيدُهَا لَفْظُ: أَجِـدْ قَطٍ بَكَـتْ
وَبَيْنَ رِخْـوٍ وَالشَّدِيدِ: لِـنْ عُمَرْ وَسَبْعُ عُلْوٍ: خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ حَصَرْ
وَصَادُ ضَادٌ طَاءُ ظَـاءٌ : مُطْبَقَـهْ وَفَرَّ مِـنْ لُبِّ:الْحُرُوفُ الْمُذْلَقَـهْ
صفة الهمس، وضده الجهر.
صفة الشدة، وضدها الرخاوة، وبينهما البيـنيَّةُ.
صفة الاستعلاء، وضده الاستفال.
صفة الإطباق، وضده الانفتاح.
صفة الإذلاق، وضده الإصمات.
ويمكن تفصيلها على النحو الآتي:
1- صفة الهمس:
معناه لغةً: الخفاء.
اصطلاحاً: جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
حروفه: مجموعة في قوله (فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتَ)؛ أي الفاء، والحاء، والثاء، والهاء، والشين، والخاء، والصاد، والسين، والكاف، والتاء.
2- صفة الجهر (وهو ضد الهمس):
معنى الجهر لغةً: الإعلان.
اصطلاحاً: انحباس النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج.
حروفه: هي جميع الحروف الهجائية التسعة والعشرين ما عدا حروف الهمس العشرة، أي تسعة عشر حرفاً.
3- صفة الشدة:
وهي لغةً: القوة.
اصطلاحاً: انحباس الصوت عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج.
حروفها: مجموعة في (أُجِد قَطٍ بَكَتْ)، أي الهمزة، والجيم، والدّال، والقاف، والطّاء، والباء، والكاف، والتاء.
4- صفة الرخاوة (وهي ضد الشدة):
الرخاوة لغةً: اللين.
اصطلاحاً: جريان الصوت عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج.
حروفها: هي جميع حروف الهجاء، ما عدا حروف الشدة والبينية.
- صفة البينية: وهي صفة متوسطة بين الشدة والرخاوة، فالحرف إما أن يكون شديداً أو رِخواً أو بينياً.
والبينية لغةً: الاعتدال.
اصطلاحاً: عدم انحباس الصوت، كما في الشدة، وعدمُ جريانه، كما في الرخاوة.
حروفها: (لِنْ عُمَرُ)، أي: اللام، النون، العين، الميم، الراء.
تنبيه:
اعلم أن الهمس والجهر يتعلقان بالنفس، وأن الشدة والرخاوة وبينهما البينية تتعلق بالصوت.
واعلم أن الشدة تحدث انزعاجاً في جهاز النطق عند النطق بحروفها، والتي هي كما ذكرنا سابقاً: الهمزة و الجيم و الدال و القاف و الطاء و الباء و الكاف و التاء ، فلو أردت أن تعرف ذلك فأدخل الهمزة على أي حرف من الحروف السابقة، وانطق الحرف دون أن تخرج همساً أو قلقةً، وتأمل ماذا يحدث لك؛ بالطبع سيَحْدُث لك انزعاجٌ شديدٌ، من أجل ذلك تخلصت العرب من شدة هذه الحروف بطرقٍ مختلفة.
طرق التخلص من شدة الحروف:
1- الهمس: ويكون في الكاف والتاء، أي أدخل الهمزة على الكاف والتاء، ثم انطق الحرف، فسيحدِث انزعاجاً- هذه هي الشدة -، فارِق بين طرفي عضو النطق؛ فسيخرج الهواء المحبوس بالداخل- وهذا ما يسمى بالهمس -، ولا تتكلف في إخراج الهمس، بل عليك أن تأتيَ بالشدّة، لأنك إذا أتيت بالشدّة أتى الهمس رغماً عنك، ولذلك قال الإمام ابن الجزريِّ: (وراعِ شدةً بكاف وبتا).
2- القلقلة: ويكون في حروف (قُطْبُ جَدٍ) كما ذكرنا سابقاً، ولكن باعد بين طرفي عضو النطق حتى تتخلص من شدتها، وهذا ما يسمَّى بالقلقلةِ.
3- أما الهمزة: فتتخلص العرب من شدتها بالطرق الآتية:
- بالحذف، مثل: ﴿ﭐلسَّمَا﴾ بحذف الهمزة.
- أو الإبدال، مثل: ﴿يُومِنُونَ﴾ بإبدال الهمزة حرفَ مد مجانس لحركةِ ما قبلها.
- أو بالنقل، مثل: ﴿مَنَ امَنَ﴾ بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها مع حذف الهمز.
- أو بالسكت، مثل: ﴿مَنْ س ءَامَنَ﴾، بالسكت على الساكن قبل الهمزة.
- أو الإدخال، مثل: (ءَ 1أَنتَ).
- أو بالتسهيل، مثل: ﴿أَاعْجَمِيٌّ﴾، بتسهيل الهمزة بينها وبين الألف إن كانت مفتوحة، وبينها وبين الواو إن كانت مضمومة نحو ﴿أَونزِلَ﴾، وبينها وبين الياء إن كانت مكسورة نحو ﴿أبنك﴾، وهذا بصفة عامة في القراءات وليس عند حفص إلا ما كان من لفظ ﴿أَاعْجَمِيٌّ﴾ فقط .
ثمرة (فائدة) معرفة صفة الشدة والرخاوة والبينية:
اعلم أن الشدةَ حق، ومستحقها- أي ما يترتب عليها- : قِصَر زمن الحرف عند النطق به.
والرخاوةَ حق، ومستحقها أو ما يترتب عليها: طول زمن الحرف.
5- صفة الاستعلاء:
هو لغةً: الارتفاع.
اصطلاحاً: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بحروف (خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ).
حروفه: الخاء، والصاد، والضاد، والغين، والطاء، والقاف، والظاء.
ملحوظة: تعريف آخر للاستعلاء، وهو: اتجاه ضغط الهواء إلى الحنك الأعلى عند النطق بحروفه.
والاستعلاء حق، ومستحقه - أي ما ينتج عنه - : تفخيم الحرف.
التفخيم:
لغةً: التسمين.
اصطلاحاً: سِمَنٌ يعتري الحرف عند النطق به فيمتلئ الفم بِصَدَاهُ.
مراتب التفخيم لحروف الاستعلاء:
وللعلماء فيه مذهبان:
المذهب الأول: أن مراتب التفخيم ثلاث وهي:
1- المفتوح. 2- المضموم. 3- المكسور، أما الساكن فيتبع ما قبله.
المذهب الثاني: أن مراتبه خمس وهي :
1- المفتوح الذي بعده ألف، مثل: ﴿خَـسِرِينَ﴾.
2- المفتوح من غير ألف، مثل: ﴿خَسِرَ﴾.
3- المضموم، مثل: ﴿خُسْرٍ﴾.
4- الساكن، مثل: ﴿ﭐخْسَئُواْ﴾.
5- المكسور، مثل: ﴿أَخِي﴾.
ولذلك قال العلامة الْمُتَولِّي في بيان مراتب التفخيم:
ثُـمَّ الْمُفَخَّمَاتُ عَنْهُــمْ آتِيَـهْ عَلَى مَرَاتِـبٍ ثَـلاَثٍ ، وَهِيَـهْ:
مَفْتُوحُهَا ، مَضْمُومُهَا ، مَكْسُورُهَا وَتَابِـعٌ مَــا قَبْلَـهُ سَاكِنُهَـا
فَمَـا أَتَـى مِنْ قَبْلِـهِ مِنْ حَرَكَهْ فَافْرِضْهُ مُشْكَلاً بِتِـلْكَ الْحَرَكَـهْ
وَقِيـلَ: بَـلْ مَفْتُوحُهَا مَعَ الأَلِفْ وَبَعْدَهُ الْمَفْتُوحُ مِـنْ دُونِ أَلِفْ
مَضْمُومُهَـا، سَاكِنُهَا ، مَكْسُورُهَا فَهَذِهِ خَمْـسٌ أَتَـاكَ ذِكْرُهَــا
فَهْـيَ وَإِنْ تَكُـنْ بِأَدْنَـى مَنْزِلَهْ فَخِيـمَةٌ قَطْعـاً مِنَ الْمُسْتَفِلَـهْ
فَـلاَ يُقَـالُ إِنَّـهَـا رَقِيقَـهْ كَضِدِّهَا، تِلْكَ هِـيَ الْحَقِيقَــهْ
مع ملحوظة أن حروف الإطباق: (ص، ض، ط، ظ) لا تتأثر بالكسرِ.
6- صفة الاستفال (وهو ضد الاستعلاء):
الاستفال لغةً: الانخفاض والانحطاط.
اصطلاحاً: انحطاط اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بحروف الاستفال.
حروفه: هي جميع حروف الهجاء ما عدا حروف الاستعلاء.
والاستفال حق، ومستحقه: ترقيق الحرف.
الترقيق:
لغةً: النُّحولُ.
اصطلاحاً: نُحولٌ يعترِي الحرف عند النطق به فلا يمتلئ الفم بِصَدَاهُ.
7- صفة الإطباق:
معناه لغةً: الإلْصَاق.
اصطلاحاً: التصاق طائفتي اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بحروف الإطباق.
حروفه: (الصاد، والضاد، والطاء، والظاء).
8- صفة الانفتاح (وهو ضد الإطباق):
معناه لغةً: الافتراق.
اصطلاحاً: افتراق طائفتي اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بحروف الانفتاح.
حروفه: هي جميع حروف الهجاء ما عدا حروف الإطباق.
9- صفة الإذلاق:
معناه لغةً: حدة اللسان.
اصطلاحاً: سرعة النطق بحروف الإذلاق.
وحروفه: (فَرَّ مِنْ لُبٍّ) أي الفاء والراء والميم والنون واللام والباء .
10- صفة الإصمات:
معناه لغةً: المنع.
اصطلاحاً: منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمةٌ رباعية الأصول أو خماسية؛ لثقلها على اللسان.
مثل كلمة: (عسجد) - اسم للذهب- كمثال للرباعي، و(عسطوس) - اسم شجرة - كآخر للخماسي .
والحقيقة أن صفتي الإذلاق والإصمات لُغويتان لا عَلاقة لهما بالنطق، وربَّما ذكرهما النّاظم هنا ضمن الصفات حتى يكون عدد الصفات سبع عشرة صفةً، مثل عدد مخارج الحروف التي هي سبعة عشر.
***