إنتاج "مضاد المادة" لأول مرة

نجح العلماء القائمون على جهاز "صادم الهيدرون العظيم", وهو أكبر مسرّع للجزيئات في العالم، يوم الجمعة في إنتاج ما يعرف بـ"مضاد المادة" وذلك في تطور غير مسبوق بتاريخ العلم يساعد في التوصل إلى فهم نشوء الكون.

ونقلت شبكة الأخبار الأمريكية (CNN) عن أحد العلماء المشاركين في الاختبارات البروفسور جيفري هانغست قوله "أشعر بالكثير من الفرح والراحة، لقد احتجنا إلى 5 سنوات لنتمكن من تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي سيسمح لنا بفهم أفضل للزمان والفضاء، خاصة وأن الطبيعة لفظت ذرات المادة المضادة لأسباب لا نفهمها بعد".

وأوضح هانغست أن العلماء اضطروا إلى إعادة الاختبار 335 مرة قبل أن ينجحوا برصد ذرات مضاد الهيدروجين، معتبراً أن "التجربة كانت ستكون أصعب بآلاف المرات لولا الاعتماد على الفخ المغناطيسي".

ويهدف المشروع إلى التحقق من سيناريوهات نشوء الكون التي يفترضها العلماء من خلال نظرية "الانفجار الكبير"، وهو الحادث الذي أدى إلى نشوء الكون بعد إنتاج كميات متساوية من المادة و"مضاد المادة"، بالإضافة إلى فهم سبب التعارض بين نظرية ألبرت أينشتاين النسبية وبين القوانين العامة للفيزياء الكمية.

ويحاول الجهاز إثبات وجود جزيئات شبه ساكنه تعرف باسم "جزيئات هيغز" يعتقد أنها تشكل الكتلة الأساسية للأشياء في الكون.

وتكمن صعوبة رصد "مضاد المادة" من واقع أن وجودها يتعارض بشكل مطلق مع المادة، إذ كلما تواجدت جزيئاتهما في مكان واحد تبدأ عملية تدمير متبادل يتبعه دفق فائض من الطاقة.

ولهذا السبب قام العلماء بإنتاج 28 ذرة من مضاد الهيدروجين في فخ مغناطيسي بهدف تجنب اصطدامها بجدران أنابيب جهاز "صادم الهدرون" التي تمتد لعدة كيلومترات، كما سمح الفخ المغناطيسي بإطالة حياة الذرات إلى عُشر الثانية الأمر الذي أعتبره العلماء يكفي لإجراء الاختبارات اللازمة عليها.

وبحسب الإعلان الرسمي لمختبرات CERN فإن الهدف المقبل هو محاولة إنتاج وميض من المادة المضادة.

وكان العلماء في مركز جهاز "صادم الهدرون العظيم" نجحوا في آذار الماضي بصدم شعاعي جزيئات بروتون لأول مرة في تاريخ العلوم.

ويتخذ المشروع من مختبرات CERN في مدينة جنيف السويسرية مركز له وتمتد قنوات تسريعه على مسافة 27 كيلومترا تم إنشاؤها في المنطقة الحدودية بين فرنسا وسويسرا.

وجمع المشروع الذي كلف نحو 10 مليارات دولار تمّ إنفاقها في بنائه وتجهيزه بمستشعرات الجزيئات والحواسيب آلاف الفيزيائيين والمهندسين من العالم اجمع.