العجب ناتج فراغ روحي لدى مَن يعانيه، وافتقاد للمنهجية الموضوعية في سلوكه الفكري،
وتقسيمه إلى أقسام إنما هو للتوضيح والتيسير.
1- العجب بالعقل والكياسة والتفطن لدقائق الأمور:
وثمرة هذا هي الاستبداد بالرأي وترك المشورة، واستجهال المخالفين له ولرأيه، ولا يصغى إلى أهل العلم إعراضًا عنهم بالاستغناء بالرأي والعقل واستحقارًا لهم وإهانةً.
وعلاجه أن يتهم نفسه ولا يثق برأيه إلا أن ينسبه إلى فضل الله وكرمه، وأن يستضيء بنور القرآن، ويستعين بعلماء الأمة الأحرار ويواظب على دروسهم واستشارتهم، ويَمتحُ من معين علمهم الثري، ويسألهم عما لا يعلم، وعليه أن يخشى عاقبة عجبه من مرض سرعان ما يصيب موضع التفكير لديه (الدماغ)، وأنه ربما ذهب عقله فيصبح أضحوكة للأطفال.
2- العجب بالبدن في جماله وهيئته وصحته وحسن صورته:
وينسى أنها نعمة من الله تعالى خالقه وخالق كل شيء، وعلاجه زيارة القبور، وتذكر العظام عندما تصير نخرة، بعدما أنتنت الأبدان وانتفخت واستقذرتها الطباع.
فمهلاً يا مَن على الناس تعلو ألن يأتيك الموت وترى ظلمة القبر؟.
3- البطش والقوة:
﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ (فصلت: من الآية 16) أين عاد وثمود؟ وأين فرعون وقارون؟ أين كسرى وقيصر؟ أين الأثرياء وأصحاب الثروات؟ في حفرة ثم نسيهم الناس، وأُهمِلوا في خضم أحداث التاريخ.
4- العجب بالنسب الشريف:
حتى يظن بعضهم أنه به ينجو، وأنه مغفور له، ويتخيل بعضهم أن جميع الخلق له مُوالون وعبيد، وعلاجه أن يتشرف بما شرفوا به من العمل الصالح والتقوى، ومن تقواهم تواضعهم وخفضهم جناحهم للمؤمنين ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13).
ولما نزل قوله تعالى ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214)﴾ (الشعراء) ناداهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بطنًا بعد بطن، حتى قال "يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب- عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- اعملا لأنفسكما فإني لا أغني عنكما من الله شيئًا" متفق عليه من حديث أبي هريرة ورواه مسلم من حديث عائشة.
5- العجب بنسب السلاطين الظلمة وأعوانهم:
وهذا غاية الجهل، وعلاجه أن يتفكر في مخازيهم وما جرى لهم من الظلم على عباد الله والفساد في دين الله، وأنهم الممقوتون عند الله تعالى بما أفسدوا في الأرض، وأضاعوا الدين وانتهكوا الحرمات وأضاعوا هيبة الأمة، وسلبوها خيراتها وتمالئوا عليها بنصرة أعدائها، ووهبوا أعداءها خيراتها بأبخس الأثمان؛ خوفًا على عروشهم وإبقاءً على كراسيهم.. لذلك كان الإمام العادل في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله سبحانه.
اعلم أن علاج كل علة هو مقابلة سببها بضده، وعلة العجب الجهل المحض، فعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل فقط.
والعجب وليد فقدان الثقة بالنفس، لأن العجب وليد نجاح وتوفيق، فلما كان المصاب بالعجب غير متوقع للنجاح؛ حيث لم يدرس مشروعه جيدًا، ولم يحسن تخطيطه، ولم يتقن دراسة الأهداف ويبني عليها المقدمات؛ مستفيدًا بالإمكانات المتاحة والقدرات التي توصل إلى تحقيق الهدف، ولأنه كان يسير خبط عشواء ولم يكن يدرك أن تخميناته ستُفضي إلى نجاح، بهرته النتائج وشغلته عن أن يعيد النظر متوقفًا مع خططه وإمكاناته ويوقن أن ما توصل إليه مِنَّةٌ من الله تعالى، وليس بأسباب لم يُتِمَّها استنفادًا، فعليه أن يعلم أن ما وُفِّق إليه رحمة من الله، وليس مهارة منه ولا ذكاء قريحة تَخَبَّطَ صاحبها وكاد يتعثر لولا فضل الله.
إذن فالعجب دليل نفس مهتزة غير واثقة بقدراتها غير مستوعبة لكيفية القيام بمشروع كامل تخطيطًا وتنفيذًا، فلما رأى النتائج بهرته فصرفه عجبه عن الاستبصار والاعتبار فكان الخسران.
مظاهر العجب كثيرة منها :
1- رد الحق واحتقار الناس .
2- تصعير الخد .
3- عدم استشارة العقلاء والفضلاء .
4- الاختيال في المشي .
5- استعظام الطاعة واستكثارها .
6- التفاخر بالعلم والمباهاة به .
7- الغمز واللمز .
8- التفاخر بالحسب والنسب وجمال الخِلقة .
9- تعمد مخالفة الناس ترفعاً .
10- التقليل من شأن العلماء الأتقياء .
11- مدح النفس .
12- نسيان الذنوب واستقلالها .
13- توقع الجزاء الحسن والمغفرة وإجابة الدعاء دائماً .
14- الإصرار على الخطأ .
15- الفتور عن الطاعة لظنه أنه قد وصل إلى حد الكمال .
16- احتقار العصاة والفساق .
17- التصدر قبل التأهل .
18- قلة الإصغاء إلى أهل العلم . واخيرا رزقنا الله واياكم الاخلاص فى القول والعمل
منقول