يسجد في بطن البحر تحت الماء.(قصة حقيقية 100%)
القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء والهداية بيد من خلق البشر وهداهم النجدين طريق الخير وطريق الشر، في هذه السطور نسمع حرارة الصدق ممن كتب الله له الهداية، لن نبحث عن اسمه ومن هو، بقدر ما نعرف مغزى قصته لقد كانت هدايته في بطن البحر،،
أبدأ قصتي بالحمد لله سبحانه وتعالى الذي وسعت رحمته كل شيء والذي سبق حلمه غضبه وأنعم علينا بأبواب رحمته وغفرانه الذي يرى ذنوبنا فيسترها ويسمع عصياننا فيمهلنا وييسر لنا النوائب لتوقظنا من غفلتنا لا نحصي ثناء عليه.. بديع السماوات والأرض لا إله إلا هو سبحانه أحسن الخالقين.
إ خواني وأخواتي في الله أنا شاب كان يظن بأن الحياة مال وفير وفراش وثير ومركب وطيء وغير ذلك كثير. وها أنا أسرد قصتي لعلها توقظ غافلا قبل فوات الأوان.
كان يوم جمعة. وكالعادة لهو ولعب مع الأصدقاء على الشاطئ. ولكن من هم الأصدقاء. هم مجموعة من القلوب الغافلة وقلوب فيها من الظلام ما يطفئ نور الشمس. وسمعت المنادي ينادي: حي على الصلاة... حي على الفلاح. وأقسم بالله العظيم أني سمعت الأذان طوال حياتي ولكني لم أفقه يوما معنى كلمة (فلاح) وكأنها كانت تقال بلغة لا أفهمها مع أني عربي ولغتي عربية ولكنها الغفلة.
وكنا أثناء الأذان نجهز أنا ورفاقي عدة الغوص وأنابيب الهواء استعدادا لرحلة جميلة تحت الماء. وأنا أرتب في عقلي برنامج باقي اليوم الذي لا يخلو لحظة من المعاصي والعياذ بالله. وها نحن في بطن البحر. سبحان الخلاق فيما خلق وأبدع. كل شيء على ما يرام. وبدأت رحلتي الجميلة... ولكن حصل ما لم أتوقع عندما تمزقت القطعة المطاطية التي يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه لتحول دون دخول الماء إلى الفم ولتمده بالهواء من الأنبوب. تمزقت أثناء دخول الهواء إلى رئتي. وفجأة أغلقت قطرات الماء المالح المجرى التنفسي. وبدأت أموت. بدأت رئتي تستغيث وتنتفض. تريد هواء. الهواء الذي طالما دخل جوفي وخرج دون أن أفهم أنه أحد أجمل نعم الله علي. وبدأت أدرك خطورة الموقف الذي لا أحسد عليه. بدأت أشهق وأغص بالماء المالح. وبدأ شريط حياتي بالمرور أمام عينيّ.
ومع أول شهقة عرفت كم الإنسان ضعيف. وأني عاجز عن مواجهة قطرات مالحة سلطها الله علي ليريني أنه هو الجبار المتكبر. وأنه لا ملجأ منه إلا إليه. ولم أحاول الخروج من الماء لأني كنت على عمق كبير.
ومع ثاني شهقة تذكرت صلاة الجمعة التي ضيعتها. تذكرت حي على الفلاح. ولا تستغربوا إن قلت لكم إني في لحظتها فقط فهمت معنى كلمة فلاح. ولكن للأسف بعد فوات الأوان. كم ندمت على كل سجدة ضيعتها. وكم تحسرت على كل لحظة قضيتها في معصية الله.
ومع ثالث شهقة تذكرت أمي. وهالني الحزن الذي يمزق قلب أمي وأنا أتخيلها تبكي موت وحيدها وحبيبها. وكيف سيكون حالها بعدي.
ومع رابع شهقة تذكرت ذنوبي وزلاتي ويال كثرتها. تذكرت تكبري وغروري. وبدأت أحاول النجاة والظفر بآخر ثانية بقيت لي. فلقد سمعت فيما سبق أنه من ختم له بأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله دخل الجنة.
فبدأت أحاول نطق الشهادتين. فما إن قلت أشهـ حتى غص حلقي وكأن يدا خفية كانت تطبق على حلقي لتمنعني من نطقها. فعدت أحاول وأجاهد... أشهـ... أشهـ... وبدأ قلبي يصرخ ربِّ ارجعون. ربِّ ارجعون. ساعة... دقيقة... لحظة ولكن هيهات. بدأت أفقد الشعور بكل شيء. وأحاطت بي ظلمة غريبة. وفقدت الوعي وأنا أعرف خاتمتي.
ووأسفاه على خاتمة كهذه والعياذ بالله. إ لى هنا القصة تبدو حزينة جدا. ولكن رحمة ربي وسعت كل شيء. فجأة بدأ الهواء يتسرب إلى صدري مرة أخرى. وانقشعت الظلمة. وفتحت عيني لأجد مدرب الغوص يمسك بي . محاولا إنعاشي. ورأيت ابتسامة على محياه. فهمت منها أنني بخير.
ونطق قلبي ولساني وكل خلية في جسدي و روحي.أ شهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. الحمد لله. الحمد لله. الحمد لله...
وفجأة بدأ قلبي يحدثني قائلا: لقد رحمك ربك بدعاء أمك لك فاتعظ. خرجت من الماء إخواني وأخواتي شخصا آخر. وأنا فعلا أعني كلمة آخر. صارت نظرتي للحياة شيئا آخر. وها أنا والحمد لله الآن شاب كل ما يرجوه من الواحد القهار أن يختم له بأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لحظة الغرغرة التي أعرفها جيدا. شاب يريد أن يكون ممن ذكرهم الرحمن في كتابه الكريم قال تعالى في سورة مريم ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (59) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا (60) جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا) صدق الله العظيم.
وللعلم: عدت وحدي بعد تلك الحادثة بفترة إلى المكان نفسه في بطن البحر وسجدت لله تعالى سجدة شكر وخضوع وولاء وامتنان في مكان لا أظن أن إنسيا قبلي قد سجد فيه لله تعالى. عسى أن يشهد لي هذا المكان يوم القيامة فيرحمني الله بسجدتي في بطن البحر ويدخلني جنته اللهم آمين.