:)
البيت النظيف عنوان ساكنيه، والحي النظيف عنوان قاطنية والمدينة الجميلة النظيفة عنوان أهلها والوطن النظيف مسؤولية شعبه والنظافة شعار المؤمنين.
يظن بعض الناس ان البذاذة من علامات الصلاح والايمان، وهذا جهل شديد بتعاليم هذا الدين الحنيف، فالذي امر بالتطهر من الاوزار والذنوب هو نفسه جل شأنه الذي أمر بنظافة الثوب والبدن والمكان.
وان من امعن نظره في التوجيهات الاسلامية يلاحظ بوضوح ان الاسلام دعا الى النظافة، وحث عليها .. نظافة الثياب والابدان والبيوت والمساجد والطرقات والأحياء والحدائق العامة والخاصة.
لقد اعتنى الاسلام بالنظافة عناية فائقة، واهتم بها اهتماما بالغا، واولاها رعاية خاصة، وذلك لما للنظافة من اثر عظيم على صحة الافراد والمجتمعات، وسلامة الابدان ونضارتها، فهي عنوان المؤمنين، وسمة من سمات المسلمين، قال رسول الهدى ومعلم الانسانية صلى الله عليه وسلم: (النظافة تدعو الى الايمان، والايمان مع صاحبه في الجنة) رواه الطبراني.
ولما كانت الطهارة الروحية هي بوابة الايمان ومدخل الاسلام كانت الطهارة البدنية شرطاً لصحة كثير من العبادات، وقد صدر علماء الفقه كتب الفقه بكتاب الطهارة لانها من اوائل ما يطلب من المسلم، فهذه الصلاة آكد اركان الدين واهم اعمدة الاسلام لا تصح الا بالوضوء، قال تعالى: >يا أيها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين، وان كنتم جنباً فاطهروا< سورة المائدة آية (6)، وكذلك طهارة الثوب والمكان، قال تعالى: >وثيابك فطهر< سورة المدثر آية (4).
اما نظافة الابدان والثياب فهي مطلوبة من المسلم حتى يبدو جميلا مقبولا في سمته وملبسه، ومن هنا جعل الاسلام الاغتسال الكامل واجبا في احوال ومسنوناً في احوال اخرى، فلا يمضي اسبوع الا ويغتسل فيه المسلم، كما ان النبي صلى الله عليه وسلم حث على ان يعتني المسلم بمظهره فقال: (من كان له شعر فليكرمه) رواه ابو داود.
وكان صلى الله عليه وسلم دقيق الملاحظة، فاذا رأى مسلما يهمل تجميل نفسه نهاه وامره ان يرتدي ملابس افضل حتى يتطابق منظر المسلم ومظهره مع مخبره، عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال: (نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى صاحب لنا يرعى ظهرا لنا وعليه بردان قد خلقا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما له غير هذين؟ فقلت بلى له ثوبان في العيبة - مستودع الثياب -كسوته اياهما، فقال: ادعه فليلبسهما، فلبسهما) رواه مالك.
وروى النسائي عن الاحوص عن أبيه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليَّ ثوب، فقال لي: ألك مال؟ قلت: نعم، قال: من أي المال؟ قلت: من كل المال قد اعطاني الله تعالى.. من الابل والبقر والغنم والرقيق، قال: فاذا آتاك الله مالاً فلير اثر نعمة الله عليك وكرمه)، وقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه: (انكم قادمون على اخوانكم فاصلحوا رحالكم واحسنوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في أعين الناس فان الله لا يحب الفحش ولا التفحش) رواه ابو داود وأحمد، وعن عطاء بن يسار قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس واللحية فاشار اليه الرسول صلى الله عليه وسلم باصلاح شعره ففعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اليس هذا خيرا من ان يأتي احدكم ثائر الرأس كانه شيطان) رواه مالك.
وللدلالة على اهمية النظافة فقد قرنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الايمان فقال: (النظافة تدعو الى الايمان والايمان مع صاحبه في الجنة) رواه الطبراني.
واستكمالا للنظافة الجسدية والمظهر المتزن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بآداب واضحة ونصائح طيبة حتى يكتمل بهاء الجسم ونضارته وطيب رائحته وهي سنن الفطرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة، قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الاظفار وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء (الاستنجاء) قال الراوي ونسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة) رواه مسلم وأبو داود، وهذه الآداب النبوية الشريفة من باب وقاية المسلم من الامراض والآلام التي قد تحدث نتيجة الاهمال وعدم الالتزام بهذه النصائح، فان الاهمال فيها يؤدي الى امراض كثيرة.
كما ان الاسلام حث على نظافة البيوت فلم يغفلها لانها هي المأوى والملاذ والمسكن والمقر ومكان الاكل والشرب والراحة واجتماع الاهل ومستقطب الاحباب، نقل عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا افنيتكم ولا تشبهوا باليهود) رواه الترمذي.
ومطلوب منا ان نحافظ على نظافة المساجد، فهي دور العبادة وبيوت الله وملتقى عباده، بها يؤدون الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة فضلا عن حلقات العلم والدرس التي تعقد بها فامر الله بتطهيرها قال تعالى: >وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود< سورة البقرة آية (125).
حتى ان الاسلام منع كل من علقت به روائح كريهة كمن اكل ثوما أو بصلا ومثله من صلاة الجماعة، وامر بالتزين عند التوجه الى المساجد، فقال تعالى: >يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد< سورة الاعراف آية (31)، فلا يجوز لاحد ان يؤذي المصلين برائحة كريهة، كما ان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو البشر.
اما الطرق فهي سبيل الناس كلهم ولذلك كانت اماطة الاذى عن الطريق من شعب الايمان، وقد جعل الله هذا العمل كأجر صلاة مرة وأجر صدقة مرة اخرى، ففي الحديث (حملك عن الضعيف صلاة وانحاؤك الاذى عن الطريق صلاة)، وفي آخر (ويميط الاذى عن الطريق صدقة) أي ازالة الاذى من اوساخ ونجاسات واحجار واشواك، فما بالكم بمن يلقون مثل هذه الاوساخ في الشوارع ويخالفون تعاليم الاسلام التي حرمت كل مافيه أذى للمسلمين ولبيئتهم، حيث نهى عن كل ما يسبب الاذى والازعاج للمسلمين، والطريق ملك الجميع فنهى عن البول في الماء الراكد وتحت الشجرة المثمرة وفي ظل الناس ومواضع الشمس شتاء، وقارعة الطريق وعلى القبور وفي الطرقات وكذا الغائط قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس او ظلهم) رواه مسلم وأبو داود، ومعنى اللعان ما يوجب اللعن وهو الطرد من رحمة الله تعالى.
هذا وقد جندت الدولة وفقها الله لما يحبه ويرضاه كل امكانياتها وطاقاتها للمحافظة على جمال ونظافة المدن والقرى، وهيأت كل السبل فوظفت عمال النظافة والمراقبين، ووفرت السيارات الخاصة والحاويات وسلات المهملات، وعينت أماكن خاصة للنفايات، وما تنفقه الدولة في هذا المجال للمحافظة على النظافة كثير وكثير. فجدير بك أخي المسلم ان تكون عونا للدولة في المحافظة على النظافة، بل ينبغي على جميع افراد الامة صغارا وكبارا ان تتضافر جهودهم للحفاظ على نظافة البيئة والعناية بها، لان ذلك ينعكس على المجتمع فيكون مجتمعا سليما من الامراض قوياً معافىً.