:)
كان رجل يقال له كلاب بن أمية بن الأسكر له أبوان شيخان كبيران وكان يأتيهما بصبوحهما وغبوقهما
الصبوح شرب اللبن في الصباح، والغبوق في المساء
فجاءه رجلان فلم يزالا به يرغبانه في الغزو حتى اشترى غلاماً فأقامه مقامه وخرج للجهاد
فجاء الغلام ذات ليلة بغبوق الأبوين وهما نائمان فقام ساعة فلم ينبههما فذهب وتركهما فانتبها في بعض الليل وهما جائعان فقال الشيخ:
لمن شيخان قد نشدا كلابـا...كتاب الله لو عقل الخطابا
تركت أباك مرعشة يـداه...وأمك ما تسيغ لها شرابـا
إذا نعب الحمام ببطـن...وجعلى بيضاته ذكرا كلابـا
أتـاه مهاجـران فربخـاه...عباد الله قد عقـا وخابـا
أناديه فيعرض فـي إبـاء...فلا وأبي كلاب ما أصابا
وإنك والتماس الأجر بعدي...كباغي الماء يتبع السرابـا
أبراً بعد ضيعـة والديـه...فلا وأبي كلاب ما أصابا
وكان عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إذا قدم عليه قادم سأله عن الناس وعن أخبارهم وعن حالهم فقدم عليه قادم فقال:
من أين؟
قال:
من الطائف
قال:
كيف تركتهم؟
قال:
رأيت بها شيخاً يقول وذكر الأبيات فبكى عمر وقال:
أجل وأبي كلاب ما أصابا.
ثم إن أمية بن الأسكر أخذ بيد قائده ودخل على عمر وهو في المسجد فأنشده:
أعاذل قد عذلت بغير قـدري...ولا تدرين عاذل مـا ألاقـي
فإما كنـت عاذلتـي فـردي...كلابـا إذا توجـه للـعـراق
فتى الفتيان في عسر ويسـر...شديد الركن في يوم التلاقـي
فلا وأبيك ما باليـت وجـدي...ولا شغفي عليك ولا اشتياقي
وإيقـادي عليـك إذا شتونـا...وضمك تحت نحري واعتناقي
فلو فلق الفـؤاد شديـد وجـد...لهـم سـواد قلبـي بانفـلاق
سأستعدي على الفاروق ربـا...له عمد الحجيج إلـى بسـاق
وأدعـو الله محتسبـاً عليـه...ببطن الأخشبين إلـى دفـاق
إن الفاروق لم يـردد كلابـا...على شيخيـن هامهمـا زواق
فبكى عمر وكتب إلى أبي موسى الأشعري في رد كلاب إلى المدينة فدعاه فقال الحق بعمر بن الخطاب فقال:
لم ما أحدثت حدثا ولا آويت محدثا قال انطلق فجاء إلى عمر بن الخطاب فلما قدم دخل عليه
قال له عمر:
ما بلغ من برك بأبيك فقال:
كنت أوثره وأكفيه أمره وكنت أعتمد إذا أردت أن أحلب له لبناً إلى أغزر ناقة في إبله فأسمنها وأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها حتى تبرد ثم أحتلب له فأسقيه
فبعث عمر إلى أبيه فجاءه فدخل عليه وهو يتهادى وقد انحنى فقال:
له كيف أنت يا أبا كلاب فقال:
كما ترى يا أمير المؤمنين فقال:
هل لك من حاجة قال:
نعم كنت أشتهي أن أرى كلابا فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت.فبكى عمر وقال:
ستبلغ في هذا ما تحب إن شاء الله – تعالى.
ثم أمر كلابا أن يحتلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه ففعل وناوله عمر الإناء وقال:
اشرب هذا يا أبا كلاب فأخذه فلما أدناه من فمه قال:
والله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة يدي كلاب فبكى عمر وقال:
إليه وقبله وبكى بكاء شديداً فجعل عمر والحاضرون يبكون هذا كلاب عندك حاضر وقد جئناك به فوثب إلى ابنه وضمه وقالوا: لكلاب الزم أبويك فلم يزل مقيماً عندهما إلى أن مات.
********************************
************************
*************
****
المراجع التالية:
ج3 ص205 أخبار مكة للفاكهي.
2- ج2 ص186، 187 تاريخ واسط ل(أسلم بن سهل الواسطي)
3- الإصابة لابن حجر(ج1 ص114- 117)
4_(ج5 ص615)
5- ج1 ص413 معجم البلدان لياقوت الحموي.