ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم كثرة خوفهم من الله تعالى إذا ذكروا أهوال يوم القيامة وكثرة الغشيان و الصعق إذا سمعوا القرآن و الذكر
وقد قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قوله تعالى :
((إن لدينا أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذابا أليما )) وكان وراءَه حُمران بن أَعيَن فخرّ ميتا رضي الله عنه .
وقد دخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبد العزيز رحمهما الله تعالى يوماً. فقال له عضني يا يزيد فقال له يا أمير المؤمنين إنك أول خليفة يموت فبكى عمر
وقال له زدني فقال له ليس بينك وبين أبيك آدم أبٌ حيّ فبكى عمر وقال له زدني
فقال له ليس بين الجّنة و النّار منزلة أخرى فسقط عمر مغشياً عليه
وكان الحسن بن صالح رحمه الله تعالى يؤذن مرة فقال أشهد أن لا إله إلا الله فغُشي عليه فحملوه من المنارة ونزلوا به وصَعد أخوه فأذن وصلى بالناس والحسن في غشيته
وكان أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول :ما رأيت أحداً أكثرُ خشوعاً من الحسن قام ليلةً ُ إلى الصباح بسورة (عمَّ يتساءلون ) يرددها و يغشى عليه إلى الفجر
ولم يتم السورة وكان كلما غشي عليه يجدد الطهارة
وقد مرَّ داود الطائي يوماً على امرأة تبكي على قبر لها وتقول ليت شعري بأي, خَدًّيكَ بدأ الدود !!فخرّ داود مغشياً عليه
وقد كانت شعوانة العابدة رحمة الله عليها تقول في مناجاتها الهي أنت أكرم الكرماء وسيد السادات ورجاء المسلمين فأسألك أن تغفر اليوم لكل من تعرض لمعصيتك
بعد معرفته بعقوبتك ثم تصرخ ويغشى عليها وتقول هاه
وقد فرأ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً (إذا الشمس كورت )
حتى بلغ قوله تعالى (وإذا الصحف نشرت) فخر مغشياً عليه وصار يضطرب على الأرض حين من الزمن
قال وسمع الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى قارئاً يقرأ (إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) فخر مغشياً عليه ثم حمل إلى بيته ففاته الظهر والعصر والمغرب والعشاء وكان هو الإمام في حارته وفي رواية كان القارئ عبد الله بن مسعود
وقد كان أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول : صلى سفيان الثوري رحمه الله تعالى ركعتين خلف المقام ثم نظر إلى السماء فانقلب مغشياً عليه قال: الداراني وما فعل به ذلك مجرد نظره إلى السماء وإنما ذلك من التفكر في أهوال القيامة
وكان وهب بن منبه رحمة الله عليه يقول: كان إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام إذا ذكر خطيئته يغشى عليه ويسمع أنين قلبه من مسيرة ميل فيقال له تفعل ذلك وأنت خليل الرحمن؟ فيقول إذا ذكرت خطيئتي نسيت خلتي
وصلى الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى الفجر يوماً فقرأ ( يس) فلما بلغ قوله تعالى : (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ) فسقط ابنه علّي رحمه الله تعالى فلم يفق حتى طلعت الشمس وقد كان علي إذا أراد أن يقرأ سورة لم يقدر أن يتمها وكان لا يقدر أن يسمع سورة (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) ولا سورة القارعة أبداً ولما مات ضحك أبوه الفضيل فقيل له في ذلك وكان كثير الحزن
فقال إن الله أحب موته فأحببت ذلك لحب الله وكان علّي يقول لأبيه ادع الله لي أن يقدرني على سماع سورة كاملة أو على ختم القرآن ولو مرة قبل موتي
كان أحدهم يقرأ القرآن في الليل فإذا أصبح عرف الناس ذلك في وجهه من شدة التغير والإصفرار والذبول فصار الناس اليوم يقرأ أحدهم القرآن كله في الليل
فإذا أصبح لا يظهر على وجهه منه شيء
وكان ميمون بن مهران رحمه الله تعالى يقول: سمع سليمان الفارسي رضي الله عنه قارئاً يقرأ قوله تعالى (وإن جهنم لموعدهم أجمعين) فصاح ووضع يده على رأسه وخرج هائماً لا يدري أين يتوجه مدة ثلاثة أيام
فتأمل يا أخي في أحوال السلف فهل غشي عليك قط عند سماع كلام ربك عز وجل
خالصاً أم لم يغش عليك فخذ حذرك وعليك بالجوع فإنه يرقق القلب
والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب تنبه المغترين مطبعة دار البشائر