رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم :
عدم الاغترار بالله تعالى بحيث يعتمد أحدهم على
عفو الله ويترك الأعمال الصالحة ، بل كانوا يبالغون في الإجهاد في العبادة ثم يعتمدون على فضل الله تعالى ، لا على أعمالهم
وفى الحديث : { الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِما بَعْدَ المَوتِ والعَاجِزُ مَنْ اَتْبَعَ نَفْسه هَوَاها وَتَمَنى عَلَى الله الأَمَانِي }
وقد سئل سعيد بن جبير رحمه الله عن الاغترار بالله
تعالى ما هو ؟ فقال : هو تمادي العبد في
العصيان ، ثم يتمنى على الله المغفرة
وقد كان الحسن البصري رحمه الله يقول : إن أقواما خرجوا من الدنيا وليس لهم حسنات من كثرة ما ألهتهم أماني المغفرة ، يقول أحدهم إني لحسن الظن
بربي عز وجل فلا أبالي أكثر العمل ، أو قلِّ ، وهو كاذب في ذلك إذ لو كان حسن الظن بربه حقيقة لأحسن العمل
قال تعالى
(( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ ))
وقد كان ميسرةُ العابد رحمه الله تعالى قد بدت أضلاعه من كثرة المجاهدة ، وكان إذا قيل له : إن رحمة
الله واسعة ؛ يزجر القائل ويقول : صحيح ذلك ، ولولا سعة رحمته لأهلكنا بذنوبنا في طاعتنا فضلا عن معاصينا
وكان حذيفة بن قتادة رحمه الله تعالى يقول : لو قال لي شخص والله ؛ إن أعمالك أعمال مَن لا يؤمن
بيوم الحساب لقلت له : صدقت
لا تكفر عن يمينك
وكان يونس بن عبيد رحمه الله تعالى يقول : إن اليد تقطع في سرقة خمسة دراهم ، ولا شك أن أصغر ذنوبك أقبح
من سرقة خمسة دراهم ، فلك بكل ذنب
قطع عضو في الدار الآخرة
وكان حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى يقول : إن لم تخف أن يعذبك الله تعالى على أحسن طاعاتك لما فيها من النقص ، وإلاَّ ! فأنت هالك
وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول : ما أحد منا آمن أن الله تعالى يغفر له ذنبا واحدا فيصير أحدنا
يعمل في غير معمل
وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول : أرجى الناس للنجاة أخوفُهم على نفسه ، ألا ترى يونس
عليه الصلاة والسلام لما ظن أن الله لا
يعاقبه على دعائه على قومه ؛
عجَّل الله له المؤاخذة بحبسه
في بطن الحوت
فعليك يا أخي ؛ بالخوف من الله عز وجل بطريقه الشرعي ، فإنه أولى بك ، وهيهات أن تنجو مع كثرة
أعمالك الصالحة ، وأكثر من الاستغفار ،
والحمد لله رب العالمين
منقول من كتاب
تنبيه المغترين