صالح العلي المشرف العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2009 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : جامعي العمل : التعليم العمر : 66 عدد المساهمات : 5661 المزاج : اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
| موضوع: صفات الخاطب في ضوء السنة 11.10.10 23:01 | |
| :) صفات الخاطب في ضوء السنة سبق أن تحدّثنا في مقال سابق عن صفات الزوجة في ضوء السنة وتتميماً للموضوع، فإننا سنتكلم عن صفات الخاطب على ما يفيده الهدي النبوي والعقل الشرعي، وهذا الكلام لا يقل أهمية عن الكلام في صفات الزوجة، الذي يكثر طرحه، والنفوس تتشوق له؛ لما جبلت عليه من الميل للنساء قال جل جلاله : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ…}([1]).
وهذه الأهمية لمعرفة صفات الخاطب ترجع إلى ما يلي:
وسيكون حديثنا في بيان هذا الميزان الذي يفترض أن يحتكم إليه المسلمون فيمن هو الرجل المناسب للفتاة المسلمة في إيجاد أسرة إسلامية سعيدة مطمئنة، يعيش هذان الزوجان في كنفها، وقد رضيا أن يكون الإسلام هو الحكم في كل أمور حياتها.
وخير ما نستقي منه هذا المعيار هو سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أبي حاتم المزني رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد، قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه، قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه. ثلاث مرات)([2]).
وفي لفظ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)([3]).
قال الإمام السيوطي([4]) في معنى الحديث: ((إلا تفعلوا… الخ: أي إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه وترغبوا في مجرد الحسب والجمال تكن فتنة وفساد؛ لأنهما جالبان إليها، وقيل: إن نظرتم إلى صاحب مال وجاه يبقى أكثر النساء والرجال بلا تزوج فيكثر الزنا ويلحق العار والغيرة بالأولياء فيقع القتل ويهيج الفتنة)).
وقال المباركفوري أيضاً([5]): ((قوله: (إذا خطب إليكم): أي طلب منكم أن تزوجوه امرأة من أولادكم وأقاربكم (من ترضون): أي تستحسنون، (دينه): أي ديانته، (وخلقه): أي معاشرته (فزوجوه): أي إياها، (إلا تفعلوا): أي إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال، (وفساد عريض): أي ذو عرض أي كبير وذلك؛ لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة)).
وتفصيل الكلام في هذا الميزان يتمثّل في صفتين رئيستين بيَّنهما الحديث، وهما:
الأولى: الدين:
وهو الخضوع والامتثال لأوامر الله تعالى في كلّ أفعاله وأقواله؛ إذ أنه يكون راضياً بحكم الله فيما له وما عليه، وهذه الصفة يكون بها عماد السعادة الزوجية لأمور، منها:
والملاحظ على مجتمعاتنا العصرية هو التفلت والفسق بصورة عامة، وهذا النوع من الرجال هو الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة وسماه فيها بالديوث؛ لأنه ينبغي للرجل أن يكون غيوراً على أهله، صائناً لعرضه، ومن هذه الأحاديث:
أ. عن عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والديوث ورجلة النساء)([8])، وفي لفظ: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن من الخمر والمنان بما أعطى)([9])، وفي لفظ: (ثلاثة قد حرَّم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث)([10])،
ب. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (الغيرة من الإيمان، وإن المذاء من النفاق)([11])، قال: فقال رجل من أهل الكوفة لزيد: ما المذاء؟ قال: الذي لا يغار يا عراقي، وهو أن يدخل الرجل على أهله الرجال: ويقال له: القنذع والديوث، وهما كلمتان سريانيتان، وهو مأخوذ من المذى؛ لأنهم يماذي بعضهم بعضاً([12]).
ت. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : (سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهم كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات…)([13]).
الثاني: الخلق:
الناظر لأول وهلة يظنّ أن التدين والخلق أمر واحد، إلا أن بينهما فروقاً؛ لأننا نرى أناساً متخلقين بأجمل الأخلاق والتصرّفات ويمكن أن يكونوا كفّاراً أو غير متدينين، فليس الخلق مستلزماً للتدين مطلقاً، ولتوضيح ذلك نبيّن ما المقصود بالخلق بصورة عامة فيما يلي:
فمَن كان معدنه طيب خير يقدر ويحترم من أمامه ومنهم زوجته، ولا تسمح له نفسه بالقيام برذائل الأشياء، فيتصرف بأدب وذوق رفيع مع زوجته، ويصفح عن زلاتها؛ لأن حاله يقتضي هذه الرفعة.
ومَن كان صاحب أصل شريف وتزيّن بالدين جمع الخير كله كما في الحديث بأن أصبح خير أهل الإسلام؛ لأن جمع خير الأصل، وخير الإسلام، فوصل إلى الكمال البشري المقصود.
هذا تصريح واضح كل الوضوح من الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الزمان أن يكون الملجأ إلى الشرفاء والكرماء أصحاب الأصول والتربية الخيرة؛ لأن درجتهم تمنعهم من السقوط كباقي الناس، وكلّ عاقل يسعى أن يزوج ابنته أو أخته من الناس ففي حديث رسول صلى الله عليه وسلم بيان لمَن هو أفضل الناس، وهو مَن كان بين والدين كريمين شريفين، ربّياه فأحسنا تربيته.
وهذا المعنى للخلق هو المقصود إذا أطلق ابتداءً، والنقطتان السابقتان موصلتان لهذه النقطة؛ لهذا ذكرتهما، ولأهميتهما في إظهار ما عليه الناس من الطبائع والأخلاق الكريمة.
إذا علم ما سبق فإنه على الفتاة وأهلها أن يعتنوا كل العناية بهاتين الصفتين دون ما سواهما؛ لأن بهما يكون قوام البيت السعيد والراحة والطمأنينة، وهما حقيقة المقياس ال. لاختيار الأزواج، لا ما تعارفه الناس من الشهادة أو المال أو الجاه أو غيرها، فمَن يعايش الناس يرى أن كثيراً منهم لديه شهادات أو مال أو غيرها ولكنه غير سعيد مطلقاً مع أهله، بل كان المال والشهادة سبب للنفرة والتعاسة والمشاكل بين الزوجين، ولا نقصد هنا الشهادة التي يمكن أن ترتفع بصاحبها وترتقي به إلى مكانة مرموقة في التصرف والخلق، فإنها ممدوحة لأن حاله دخل في إحدى الصفتين السابقتين، ومثل ذلك ينطبع على المال والجاه وغيره، وإنما نقصد مَن يكون اختياره لمجرد الشهادة أو المال أو غيره بغض النظر عن الدين أو الخلق، فتكون الشهادة والمال وغيرها مقصودة لذاتها، فهذا هو المذموم حقيقة.
وأما الممدوح فهو أن يكون صاحب شهادة ومال وغيرها ومعها دين وخلق، فالدين والخلق هما الأساس وما عداهما تبع لهما.
وكل ما سبق بيانه مستفاد من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ إذ لا قيمة حقيقة في الخاطب لغير هاتين الصفتين؛ لأن مرد كل خير في الرجل راجع لهما.
ونختم كلامنا بقوله جل جلاله : {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}([18])؛ إذ فيه أمر وإرشاد من الله تعالى بأن نزوج مَن يحقّ لنا زواجهنّ من الصالحين، وهم مَن توفّر فيهم ما سبق دون التفات إلى المال وغيره؛ لأن الله تعالى يغني ويرزق مَن يشاء بفضله وكرمه، فليس الفقر معوّق لتزويج الصالحين المتدينين الخلوقين، والله أعلم وعلمه أحكم. ---------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
([1] ) آل عمران: من الآية14.
([2] ) في جامع الترمذي 3: 395، وقال: حسن غريب. وسنن البيهقي الكبير 7: 82، وسنن سعيد بن منصور 1: 190، والآحاد والمثاني 2: 351، والمعجم الكبير 22: 299، والكنى للبخاري 1: 26، والجرح والتعديل 9: 363، والثقات 5: 499، والكامل 5: 72، والمراسيل لابن أبي حاتم 1: 250، والمراسيل لأبي داود 1: 192، وغيرها.
([3] ) في جامع الترمذي 3: 394، والمعجم الأوسط 1: 142، 7: 131، وغيرهما.
([4] ) في شرح ابن ماجة 1: 141، طبعة قديمي كتب خانة، كراتشي.
([5] ) في تحفة الأحوذي 4: 173، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.
([6] ) في المستدرك 4: 242، وقال الحاكم: إسناده .، وجامع الترمذي 4: 659، وسنن الدارمي 2: 392، وسنن ابن ماجة 2: 1420، ومصنف ابن أبي شيبة 7: 62، وغيرها.
([7] ) في سنن البيهقي الكبير 7: 82، وقال: وروي ذلك مرفوعاً والموقوف أصح.
([8] ) في المستدرك 1: 144، وقال الحاكم: هذا حديث . الإسناد ولم يخرجاه، والأحاديث المختار 1: 308، وسنن البيهقي الكبير 10: 226، وغيرها.
([9] ) في سنن النسائي الكبرى 2: 42، والمجتبى 5: 80، والمعجم الأوسط 3: 51، ومسند الروياني 2: 401، ومسند أبي يعلى 9: 408، والمعجم الكبير 12: 302،
([10] ) في مسند أحمد 2: 69، 128،
([11] ) في سنن البيهقي الكبير 10: 225، واللفظ له، وفي مسند الشهاب 1: 123، وغيرهما.
([12] ) ينظر: مسند الشهاب 1: 123، وكشف الخفاء 2: 105، وغيرهما.
([13]) في المستدرك 4: 483، .، والمعجم الصغير 9: 131، ومسند أحمد 2: 223، والمعجم الصغير 2: 257، وموارد الظمآن 1: 351، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5: 137: رجال أحمد رجال ال..
([14] ) في مسند أحمد 2: 485، و.لمعمر بن راشد 11: 316،
([15] ) في مسند أحمد 2: 485،
([16] ) في .لمعمر بن راشد 11: 316، والمعجم الأوسط 3: 257، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 325: رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين ورجال أحدهما ثقات.
([17] ) ينظر: .لمعمر بن راشد 11: 316.
([18] ) النور:32. | |
|
أبوعلاء مشرف
تاريخ التسجيل : 23/04/2010 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : معهد متوسط العمل : موظف العمر : 47 عدد المساهمات : 5117 المزاج : الحمد لله على كل حال
| |
ابن التين مشرف
تاريخ التسجيل : 17/03/2009 مكان الإقامة : ســـوريــــــــا التحصيل التعليمي : طالب جامعة العمل : موظف العمر : 51 عدد المساهمات : 1959 المزاج : الحمدلله رب العالمين
| موضوع: رد: صفات الخاطب في ضوء السنة 13.10.10 20:36 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم خلقنا بالأخلاق التي ترضيك بارك الله فيك وأحسن إليك على مساهماتك في المنتدى
جزاك الله خيراً
| |
|
الفاروق مشرف
تاريخ التسجيل : 05/05/2009 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : كلية الشريعة العمل : مدرس العمر : 47 عدد المساهمات : 4805 المزاج : أسأل الله العفو والعافية
| |