صالح العلي المشرف العام
تاريخ التسجيل : 12/03/2009 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : جامعي العمل : التعليم العمر : 66 عدد المساهمات : 5661 المزاج : اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
| موضوع: مشروعية الدعاء لولاة الأمر بالصلاح 01.07.11 8:38 | |
| مشروعية الدعاء لولاة الأمر بالصلاحصلاح ولاة الأمر مطلب لكل مسلم غيور على دينه إذ صلاحهم صلاح للعباد والبلاد، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، عند موته : (( أعلموا أن الناس لن يزالوا بخير ما استقامت لهم ولاتهم وهداتهم )). أخرجه البيهقي في (( السنن )) – كتاب قتال أهل البغي، باب فصل الإمام العادل (356) – بإسناد صحيح. وفيها – أيضا – عن القاسم بن مخيمرة قال : (( إنما زمانكم سلطانكم، فإذا صلح سلطانكم، صلح زمانكم، وإذا فسد سلطانكم، فسد زمانكم )). وصلاح الولاة إلى الله – تعالى- وحده يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم، فكان حقا على كل مؤمن بالله – تعالى – واليوم الآخر، أن يدعوا لهم بالهداية والتوفيق إلى طاعة الله – تعالي -، والسير في مرضاته، لأن نفع ذلك يعود على كل مؤمن بالخير في الدين والدنيا . ذكر ابن المنير المالكي – رحمه الله – في (( الانتصاف )) (357)، أنه نقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم فقيل له : أتدعوا له وهو ظالم ؟ فقال : إي – والله -، أدعو له إن ما يدفع الله ببقائه أعظم مما يدفع بزواله. ا هـ. وأخرج البيهقي في (( شعب الإيمان )) (358) عن أبي عثمان سعيد ابن إسماعيل الواعظ الزاهد أنه قال – بعد روايته لحديث تميم الداري – مرفوعاً - : (( الدين النصيحة ))، قال : (( فانصح للسلطان، وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحكم، فإنهم إذا صلحوا، صلح العباد بصلاحهم. وإياك أن تدعوا عليهم باللعنة، فيزدادوا شراً ويزداد البلاء علي المسلمين ،ولكن أدعو لهم بالتوبة، فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين ... )) ا هـ.
ولقد أعتني علماء المسلمين بهذه القضية – الدعاء لولاة الأمر – عناية واضحة وتجلت في صور ناصعة رائعة منها :
أولاً : إيداع الأمر بالدعاء لولاة الأمر في مختصرات العقائد التي يطالب المسلم باعتقاد ما فيها لكونه مبنياً على الحجج الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة، وسيأتي نماذج من ذلك إن شاء الله.
ثانياً : تخصيص بعض علماء الإسلام مؤلفاً في ذلك.
فقد ألف ( الإمام العلامة المفتي المحدث الرحال، بقية السلف، سيد المعمرين الأخيار علم السنة ) (359) يحيى بن منصور الحراني الحنبلي – المعروف بابن الحبشي – كتاباً سماه : (( دعائم الإسلام في وجوب الدعاء للإمام )). وابن الحبيشي هذا له مناقب جمة، عدد بعضها ابن رجب في (( ذيل طبقات الحنابلة )) (360) فكان منها : قول الحق، وإنكار المنكر على من كان لم يكن عنده من المداهنة والمراءاة شيء أصلاً، يقول الحق ويصدع به. ا هـ. وإنما ذكرت ذلك ليعلم أن علماء الإسلام والسنة يؤلفون في هذه الأمور بعيداً عن الأغراض الدنيئة الدنيوية، بل ألفوا في ذلك ديانة لله – تعالي – وخوفاً على الأمة من الاختلاف المؤدي إلي الهرج والمرج، وهو الخلاف على السلطان. فلا تغتر بأولئك المنافقين، الذين ينهون عن التأليف – بل الحديث – في ذلك، ويرجفون بأن ذلك مداهنة ورياء بل هو دين وشرع.
ثالثاً : جعل بعض العلماء المحققين علامة من كان سنياً : الدعاء لولاة الأمر ،وعكسه من كان مبتدعاً ضالاً، دعا على ولاة الأمر.
قال العلامة البر بهاري – رحمه الله تعالي – في (( شرح السنة )) (361) : (( وإذا رأيت الرجل يدعوا على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سنة – إن شاء الله - )) ا هـ
فأنت ترى هذا الاهتمام القوي من السلف بالدعاء لولاة الأمر واضحاً جلياً وهم في ذلك متبعون، سالمون من الهوى، مقدمون لنصوص الشريعة على حظوظ النفس وما تهوى. وإليك – أيها الموفق – جملة مما جاء عن أهل السنة المرضيين في ذلك.
1- أخرج الخلال في (( السنة )) (362)، عن أبي مسلم الخولاني – رحمه الله – أنه قال عن الأمير : (( إنه مؤمر عليك ، فإن أهتدى فاحمد الله، وإن عمل بغير ذلك، فادع له بالهدى، ولا تخالفه فتضل ))
2- أخرج أبو نعيم في (( اللحية )) (363) حدثنا محمد بن إبراهيم : ثنا أبو يعلى الموصلي : ثنا عبد الصمد بن يزيد البغدادي – ولقبه مردويه -، قال : سمعت الفضل بن عياض يقول : (( لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في إمام. )) قيل : وكيف ذلك يا أبا على ؟ قال : متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتي صيرتها في الإمام – يعني : عمت -، فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد ... فقبل ابن المبارك جبهته وقال : يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك ؟ )) إسناده صحيح، محمد بن إبراهيم هو أبو بكر المشهور بابن المقرئ، الإمام، محدث أصبهان، الحافظ الثقة، راوي (( المسند الكبير )) عن أبي يعلي، صاحب سنة (364). وعبد الصمد بن يزيد، هو عبد الله الصائغ المعروف بمردويه، خادم الفضيل بن عياض، قال ابن معين : لا بأس به، ليس ممن يكذب، وقال الحسين بن فهم : كان ثقة من أهل السنة والورع. ا هـ من (( تاريخ بغداد )) (365)
3- أخرج الخلال في (( السنة )) (366)، عن حنبل، أن الإمام أحمد قال عن الإمام : (( وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد، وأري ذالك واجباً علي )) (367) وأخرج أيضاً عن أبي بكر المروذي، قال : (( سمعت أبا عبد الله، وذكر الخليفة المتوكل – رحمه الله تعالي – فقال : إني لأدعو له بالصلاح والعافية. وقال : لئن حدث به حدث، لتنظرن ما يحل بالإسلام )).
4- وقال أبو عثمان الصابوني المتوفى سنة ( 449 هـ ) في (( عقيدة السلف أصحاب الحديث )) (368) : (( ويرون الدعاء لهم " لولاة الأمر"بالإصلاح والتوفيق والصلاح، وبسط العدل في الرعية )) ا هـ.
5- وقال البر بهاري – أبو محمد الحسن بن على – المتوفى سنة ( 329 هـ ) في (( شرح السنة )) (369) : (( فأمرهم أن ندعوا لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن ظلموا وجاروا، لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين )) ا هـ.
6- وقال أبو بكر الإسماعيلي، المتوفى في سنة ( 371 هـ ) في (( اعتقاد أهل السنة )) (370) (( ويرون الدعاء لهم بالصلاح والعطف إلي العدل )) ا هـ. (( فحقيق على كل رعية أن ترغب إلى الله – تعالى – في إصلاح السلطان، وأن تبذل له نصه، وتخصه بصالح دعائها، فإن في صلاحه صلاح العباد والبلاد وفي فساده فساد البلاد والعباد )) (371)
7- أنشد ابن عبد البر في (( جامع بيان العلم )) (372) عن أحمد ابن عمر بن عبد الله، أنه أنشد لنفسه : نسأل الله صلاحا للولاة الرؤســــــاء فصلاح الدين والدنيا صلاح الأمـراء فبهم يلتئم الشمل على بعد التنــــــاء
8- وقال الأجري المتوفى سنة ( 360 هـ ) في كتاب (( الشريعة )) (373) (( وقد ذكرت من التحذير من مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله تعالي عن مذاهب الخوارج ولم ير رأيهم فصبر على جور الأئمة ... ودعا للولاة بالصلاح وحج معهم وجاهد معهم كل عدو للمسلمين فصلي خلفهم الجمعة والعيدين. فمن كان هذا وصفه، كان على الصراط المستقيم – إن شاء الله – )) ا هـ.
فهذه جملة مختارة من نصوص السلف تكفي وتغني لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
--------------------------------------------------------------------------------
356 ) ( 8/162 ). 357 ) (( الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال )) ( 4/106 ). 358 ) ( 13/99 ). 359 ) بهذه الأوصاف وصفه الذهبي في (( معجم الشيوخ )) ( 2/377 ). 360 ) ( 2/297 ). 361 ) ( ص 113، 114 ). 362 ) ( 1/86 ). 363 ) ( 8/91 ). وأخرجه ابن عساكر من طريق أبي يعلي، عن عبد الصمد ( 48/445 ). 364 ) ينظر (( تذكرة الحفاظ )) ( 3/973/975 ). 365 ) ( 11/40 ). 366 ) ( 1/83 ). 367 ) ذكر شيخ الإسلام أن الفضل بن عياض، وأحمد بن حنبل وغيرهما كانوا يقولون : (( لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان )) (( الفتاوى )) ( 28/391 ). 368 ) ( ص 92 ،93 ). 369 ) ( ص 114 ). 370 ) ( ص 50 ). 371 ) سراج الملوك للطرطوشي ( ص 43 ) 372 ) ( 1/184 ). 373 ) ( 1/371 ).
| |
|
الفاروق مشرف
تاريخ التسجيل : 05/05/2009 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : كلية الشريعة العمل : مدرس العمر : 47 عدد المساهمات : 4805 المزاج : أسأل الله العفو والعافية
| |
أبوعلاء مشرف
تاريخ التسجيل : 23/04/2010 مكان الإقامة : سوريا التحصيل التعليمي : معهد متوسط العمل : موظف العمر : 47 عدد المساهمات : 5117 المزاج : الحمد لله على كل حال
| |