:D
أقوال العلماء
1- الإمام السفاريني رحمه الله تعالى:
يقول العلامة السفاريني شارح منظومة الآداب: (وفي رواية أبي بكر بن الأنباري أن كعب بن زهير لما جاء تائبا وقال قصيدته المشهورة:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
إلى أن وصل إلى قوله:
إن الرسول لسيف يستضاء به
مهند من سيوف الهند مسلول
رمى صلى الله عليه وآله وسلم إليه بردة كانت عليه وأن معاوية بذل فيها عشرة آلاف فقال: ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدا فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا فأخذها منهم إلى أن قال: تحصل من إنشاد قصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه البردة عدة سنن: إباحة إنشاء الشعر واستماعه في المسجد والإعطاء عليه([26]).
وقال العلامة السفاريني في منظومة الآداب : (قال في الإقناع وغيره ويباح الحداء الذي تساق به الإبل ونشيد الأعراب).
وقال أيضا: (المذهب الإباحة من غير كراهية لما تضافرت به الأخبار وتضافرت به الآثار من إنشاد الأشعار والحداء في الأسفار وقد ذكر بعض العلماء الإجماع على إباحة الحداء)([27]).
وقال أيضا في غذاء الألباب : والسماع مهيج لما في القلوب محرك لما فيها فلما كانت قلوب القوم معمرة بذكر الله تعالى صافية من كدر الشهوات محترقة بحب الله ليس فيها سواه كان الشوق والوجد والهيجان والقلق كامن في قلوبهم كمون النار في الزناد فلا تظهر إلا بمصادفة ما يشاكلها فمراد القوم فيما يسمعون إنما هو مصادف ما في قلوبهم فيستثيره بصدمة طروقه وقوة سلطانه فتعجز القلوب عن الثبوت عن اصطدامه فتبعث الجوارح بالحركات والصرخات والصعقات لثوران ما في القلوب لأن السماع يحدث في القلوب شيئا.
2- الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى:
ذكر الإمام الشاطبي في كتابه (الاعتصام) أن أبا الحسن القرافي الصوفي يروي عن الحسن البصري رحمه الله أن أقواما أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا يا أمير المؤمنين إن لنا إماما إذا فرغ من صلاته تغنى فقال عمر رضي الله عنه من هو؟ فذكر الرجل فقال قوموا بنا إليه فإنا إن وجهنا إليه يظن أنا تجسسنا عليه امره . قال: فقام عمر رضي الله عنه مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أتوا الرجل وهو في المسجد فلما نظر إلى عمر قام فاستقبله فقال يا أمير المؤمنين ما حاجتك؟ وما جاء بك؟ إن كانت الحاجة لنا كنا الأحق بذلك منك أن نأتيك وإن كانت الحاجة لله فأحق من عظمناه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال عمر: ويحك بلغني عنك أمر ساءني قال: وما هو يا أمير المؤمنين قال: أتتمجن في عبادتك؟ قال: لا يا أمير المؤمنين لكنها عظة أعظ بها نفسي قال عمر قلها فإن كان كلاما حسنا قلته معك وغن كان قبيحا نهيتك عنه فقال:
وفؤادي كلما عاتبته
في مدى الهجران يبغي تعبي
لا أراه الدهر إلا لاهيا
في تماديه فقد برح بي
يا قرين السوء يا هذا الصبا
فني العمر كذا في اللعب
ما أرجي بعده إلا الفنا
ضيق الشيب علي مطلبي
ويح نفسي لا أراها أبدا
في جميل لا ولا في أدب
نفس لا كنت ولا كان الهوى
راقبي المولى وخافي وارهبي
فقال عمر رضي الله عنه :
نفس لا كنت ولا كان الهوى
راقبي المولى وخافي وارهبي
ثم قال عمر رضي الله عنه : (على هذا فليغن من غنى)([28]).
قال الإمام الشاطبي أيضا: والتطريب مد الصوت وتحسينه ففيها ان الشعر المغنى به قد اشتمل على أمرين:
1- ما فيه من الحكمة والموعظة وهذا مختص بالقلوب ففيها تعمل وبها تنفعل ومن هذه الجهة ينسب السماع إلى الأرواح.
2- ما فيه من النفحات المرتبة على النسب التلحينية وهو المؤثر في الطباع فيهيجها إلى ما يناسبها وهي الحركات على اختلافها فكل تأثير في القلب من جهة السماع تحصل عنه آثار السكون والخضوع فهو رقة وهو التواجد ولا شك أنه محمود وكل تأثير يحصل عنه ضد السكون فهو طرب لا رقة فيه ولا تواجد ولا هو عند شيوخ الصوفية محمود([29]).