:)
3- الإمام السهروردي رحمه الله تعالى:
قال الإمام السهروردي : المنكر إما جاهل بالسنن والآثار وإما جاهل الطبع لا ذوق له وأشار بالسنن إلى ما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان له شعراء يصغي اليهم في المسجد وغيره منهم حسان بن ثابت وابن رواحة رضي الله عنهما واستنشد أمية بن الصلت واستمع إليه كما في مسلم([43]).
4- الإمام العز بن عبدالسلام رحمه الله تعالى:
قال العز بن عبدالسلام : أما سماع الإنشاد المحرك للأحوال السنية المذكر للأمور الأخروية فلا بأس به بل يندب عند الفتور وسآمة القلب ولا يحظر إلا لمن في قلبه هوى خبيث فإنه يحرك ما في القلب([44]) .
وثم قال العز في تفسيره : وأما الأشعار والتشبيهات فمأذون بها وقد أنشد كعب رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بانت سعاد القصيدة المشهورة فاستمعها ولم ينكر عليها شيئا وفيها الاستعارات والتشبيهات حتى شبه الريقة بالخمرة وكانت حرمت.
ولكن تحريمها لم يمنع عندهم طيبها بل تركوها مع الرغبة فيها والاستحسان بها وكان ذلك أعظم لأجرهم.
وذكر الروياني في البحر أن سعاد كانت زوجته وبنت عمه وأنه إنما أنشد فيها هذه القصيدة لطول غيبته عنها بهروبه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وحكي عن العز بن عبدالسلام رحمه الله ورضي عنه أنه كان يرقص في السماع([45]).
5- الإمام الماوردي رحمه الله تعالى:
قال الأذرعي : وما أحسن قول الماوردي: الشعر في كلام العرب مستحب إن حذر من الدنيا أو رغب في الآخرة أو حث على مكارم الأخلاق ومباح وهو ما سلم من فحش وكذب ومحظور وهو ما اقترن بأحدهما.
وقد روي أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشعر فقال: هو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح([46]).
6- الإمام ابن عبدالبر رحمه الله تعالى:
قال ابن عبدالبر: لا ينكر الحسن من الشعر أحد من أهل العلم ولا من أولي النهى وليس أحد من كبار الصحابة وأهل العلم وموضع القدوة إلا وقد قال الشعر أو تمثل به أو سمعه فرضيه وقد نقل ابن عبدالبر الإجماع على جوازه إن كان كذلك([47]).
7- الإمام أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله تعالى:
قال أبو بكر بن العربي المالكي شارح سنن الترمذي : لا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان في مدح الدين وإقامة الشرع.
وقال ابن العربي: أما الاستعارات والتشبيهات فمأذون بها وإن استغرق الحد وتجاوزت المعتاد واستدل بإنشاد كعب بن زهير النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين جاء تائبا حيث قال:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت
كأنه منهل بالراح معسول
فجاء في القصيدة من الاستعارات والتشبيهات بكل بديع والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمع ولا ينكر حتى في تشبيهه ريقها بالراح([48]).
وقال أبو بكر بن العربي أيضا: وأما الغناء فإنه من اللهو المهيج للقلوب عند أكثر العلماء منهم مالك بن أنس وليس في القرآن ولا في السنة دليل على تحريمه أما في الحديث الصحيح فالدليل على إباحته فإن أبا بكر دخل على عائشة وعندها جاريتان حاديتان من حاديات الأنصار ثم ساق الحديث بتمامه وقال: فلو كان الغناء حراما ما كان في بيت رسول الله وقد أنكره أبو بكر بظاهر الحال فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفضل الرخصة والرفق بالخليقة في إجماع القلوب([49]) ثم قال : وكل حديث يروى في التحريم، آو آية تتلى فيه فإنه باطل سندا باطل معتقدا خبرا وتأويلا وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص في الغناء في العيدين وفي البكاء على الميت من غير نوح([50]).
8- الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى:
ورد ابن حزم على الذين تمسكوا بأحاديث الجارية المغنية أنه لا يحل بيعها حيث قال: طالما أنه يجوز وطؤهن بالبيع فكيف لا يجوز سماع أصواتهن ولو غناء ثم رد على الآخرين الذين تمسكوا بالآية الكريمة ﴿ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ﴾([51]).
فقال: وهذه صفة من فعلها كان كافرا بلا خلاف إذا اتخذ سبيل الله هزوا ولو أن امرا اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرا فهذا هو الذي ذمه الله تعالى وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتملى به ويروح نفسه لا يضل عن سبيل الله تعالى فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا([52]).
9- الإمام المحاسبي رحمه الله تعالى:
قال أبو عثمان النبيسابوري : أنشد قوال بين يدي الحارث المحاسبي هذه الأبيات:
أنا في الغربة أبكي
ما بكت عين غريب
لم اكن يوم خروجي
من بلادي بمصيب
عجبا لي ولتركي
وطنا فيه حبيبي
فقام يتواجد ويبكي حتى رحمه كل من حضره([53]).
10- الإمام أبو حفص النبيسابوري رحمه الله تعالى:
قال رجل لأبي حفص النبيسابوري إن فلانا من أصحابك أبدا يدور حول السماع فإذا سمع هاج وبكى ومزق ثيابه فقال أبو حفص: إيش يعمل الغريق؟! يتعلق بكل شيء يظن نجاته فيه([54]).
11- العلامة الشيخ عبدالغني النابلسي رحمه الله تعالى:
يقول الشيخ عبدالغني النابلسي رحمه الله تعالى (إن السماع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- منه ما هو حرام محض: وهو لأكثر الناس من الشباب ومن غلبت عليهم شهواتهم ولذاتهم وملكهم حب الدنيا.
2- والقسم الثاني منه مباح: وهو لمن لاحظ له منه إلا التلذذ بالصوت الحسن واستدعاء السرور والفرح أو يتذكر غائبا أو ميتا.
3- والقسم الثالث منه مندوب: وهو لمن غلب عليه حب الله تعالى والشوق إليه فلا يحرك السماع منه إلا الصفات المحمودة وتضاعف الشوق إلى الله تعالى وهذا القسم الثالث هو سماع الصوفية أهل الصدق والإخلاص في كل زمان([55]).
ويقول في موضع آخر: (وأما المباح من ذلك فهو إذا كان المجلس خاليا من الخمر والزنا واللواط والمس بشهوة والتقبيل والنظر بشهوة لغير الزوجة والأمة وكان لذلك السامع قصد حسن ونية صالحة وباطن نظيف طاهر من الهجوم على الشهوات المحرمة وكان قادرا على ضبط قلبه وحفظ خاطره من ان يخطر فيه شيء مما حرمه الله تعالى عليه فإنه يجوز له أن يسمع هذا السماع المذكور حينئذ بأنواعه كلها ولا يحرم عليه شيء من ذلك ولا يكره له ما دام موصوفا بما ذكرناه فهو مباح له إن لم يكن من أهل المعرفة بالله تعالى بأن كان عاميا جاهلا غافلا وأما إذا كان من أهل المعرفة والشهود فيصير السماع المذكور حينئذ في حقه مستحبا مندوبا إليه يثاب عليه)([56]).
ويقول أيضا: ومعلوم أن هذه الآلات المطربة بجميع أنواعها ليست حرمتها من حيث ذاتها وصورتها المخصوصة ولا من حيث ما يصدر عنها من الأصوات المطربة وإلا لكان كل صوت مطرب حراما وهو باطل لأن أصوات الطيور والشحارير المطربة ليست بحرام إجماعا – كما سيأتي – بل حرمتها لاقتران اللهو بها ولكونها ملاهي واللهو بهذا التفسير المذكور يمكن زواله عنها وتعريها عنه فتصير خارجة عن كونها ملاهي ويزيل اللهو عن سامعها بها وإلا لكان العبد مكلفا في الشرع بما ليس في قدرته ومطلوبا منه ما لا يمكنه والله تعالى يقول: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾([57]).([58])